ads

Bookmark and Share

الاثنين، 29 مارس 2021

134 الجمعية المتحدة للفافى السجاير

الجمعية المتحدة للفافى السجاير

بقلم: د. يونان لبيب رزق

الأهرام الخميس 20 يونيو 1996م - 4 صفر 1417هـ


تؤرخ الدراسات العلمية لميلاد الحركة العمالية المصرية بشهر ديسمبر عام 1899، وتؤسس هذا التاريخ على الإضراب الناجح الذى قام به لفافو السجائر ذلك الشهر، والذى استمر حتى فبراير من العام التالى حين انتهى بالاتفاق بين الطرفين.

بيد أن هذا التأسيس يفتقر إلى أكثر من جانب: أولها أن هذا الميلاد سبقته فترة حمل غير قصيرة.. أكثر من خمس سنوات لم تحظ بالعناية الكافية من هذه الدراسات والثانى أنه قبل نحو ثلاث سنوات كانت قد نشأت أول جمعية عمالية هي التي كانت وراء الإضراب الشهير. وآخرها ذلك الجانب الإنسانى الذى يصحب عادة الولادة بكل ما يقترن به من تقلصات وآلام، وهى الجوانب التي لم تتوانى الأهرام عن تسجيلها واحدة بعد الأخرى وبتفاصيل أضفت نكهة جديدة على تاريخ نشأة الحركة العمالية المصرية.

***

علامات الحمل الأولى بدت في بورسعيد والقاهرة في نفس الوقت وإن كانت قد حدثت في الأولى فى غير ميدان السجاير، فقد كان هناك رحم آخر جاهز هو رحم "شركة قناة السويس" بالأعداد الكبيرة من العمال الذين تستخدمهم في إنجاز أعمالها.

وقد سجلت الأهرام علامتين على الأقل من علامات الحمل الأولى في "مدينة القومبانية" اعتصاب الفحامين واعتصاب عمال الكراكات، وفى ذات العام... 1894.

اعتصاب الفحامين الذى حدث في مايو من ذلك العام سبق وأن أفردنا له حلقة كاملة من حلقات الديوان "الحلقة 94" بعده بثلاث شهور نشب الاعتصاب الثانى..

نشرت الأهرام تقريرًا طويلا عن هذا الاعتصاب لمكاتبها في بورسعيد في عددها الصادر يوم 23 أغسطس من ذلك العام كان مما جاء فيه "اعتصب عملة الكراكات عندنا وذهبوا يشكون لسعادة محافظنا معاملة رؤسائهم لهم لأنهم كثيرًا ما يشتغلون في أيام الأحاد ولا تدفع لهم شركة القنال تعبهم وفى الأيام التي يكون البحر فيها هائجًا تلزمهم بإيقاف العمل دون أن تكافئهم فلهذا اعتصبوا وتجمهروا".

المحافظ بعد أن قرأ شكواهم تبين "أنها صادرة عن تحامل وضغائن بينهم وبين رؤسائهم فردعهم بالنصح "وهو ما لم يعجب العمال الذين ذهبوا في اليوم التالى إلى النقط التي فيها الكراكات ليحاولوا إغراقها في البوغاز انتقامًا من الشركة، فانتقلت في الحال قوة عسكرية إلى الموقع "وتتبعت المعتصبين حتى تمكنت من تفريقهم وإرجاعهم البلدة وانقضت المسألة على دعة وسلام"!

في القاهرة بدأت أعمال الاعتصاب بين عمال السجاير، الصناعة التي يبدو أنها أصبحت من كبرى الصناعات في عصر عرف محاربة الصناعات من قبل سلطات الاحتلال.

يؤكد هذا الحجم أن مصر كانت قد عرفت حتى ذلك الوقت خمسة معمل كبيرة لصناعة السجاير، في القاهرة وحدها، جاناكليس، خلميس، ملاخرينو أخوان، كريازى، ديمتروينو وشركاه وأخيرًا فافيادس وشركاه، هذا فضلا عن عدد آخر من المعامل في الإسكندرية والملاحظ أمن الأسماء أن الغالبية العظمى من أصحاب المعامل. إن لم يكن الجميع ينتمون إلى الجالية اليونانية.

وليس من شك أن ازدهار صناعة السجاير تعزى إلى تمكن قديم لعادة التدخين بين المصريين مما سجله المسيو شابرول في كتاب "وصف مصر" بقوله: "يجوز لنا أن نقول بأن رجل الشعب المصرى يقضى وقته في التدخين وبينما يستخدم الأغنياء تبغ اللاذقية يستخدم الفقراء التبغ المحلى الذى لا يمتاز بنفس المذاق اللذيذ".

ومن ثم لم يكن التدخين عادة جديدة دخلت بين المصريين نتيجة لاحتكاكهم بالأوروبيين وإنما كل ما حدث أن عددًا منهم وليس جميعهم قد استبدل النراجيل بالسجاير.

بدأت الحركة الجينينة لعمال اللفائف في القاهرة بالخبر الطويل الذى نشرته الأهرام في 18 يونية عام 1894 على شكل عريضة موقع عليها من رؤسائهم تضم شكوى 4500 عامل "ينفطر لها القلب من انخفاض أجورهم فقد كانت أجرة الواحد منهم يوميًا في الزمان الماضى 10 أو 12 فرنكًا فأصبحت لا تزيد عن 15 غرشًا صاغًا".

وتعرب الأهرام عن دهشتها من أن أصحاب المعامل سبق لهم وأن تعهدوا للفافين بألا تنخفض أجورهم عن 26 قرشًا إلا أنهم نقضوا هذا الاتفاق "رغم أن سوق الدخان راجت رواجًا عظيمًا هذا العام" الأمر الذى دعا الصحيفة إلى مناشدة الحكومة أن تنظر في شكواهم لتضع حدًا لتظلمهم وتنصفهم من حضرات التجار الذين على ما نرى يربحون الأرباح الطائلة ولكن لا يرحمون عمالا مساكين تنوب أجسامهم وتتلف صحتهم في حرفة هي شر الحرف".

بعد يومين تحولت العريضة إلى حركة اعتصاب واشتباكات بين العمال الذين قرروا الاشتراك في الحركة والآخرين الذين استمروا في أعمالهم، الأمر الذى أدى إلى تدخل رجال البوليس "وقبض على أحد المعتصبين فهاج كثيرون من اخوانه على رجال الشرطة وأوسعوهم ضربًا".

وتشير الأهرام إلى أن لفافى السجائر كانوا يتكونون من مزيج من اليونانيين والشوام والوطنيين "المصريين" ويبدو أن الأوائل كانوا يشكلون قيادة الحركة مما يكشف عنه خبر في الأهرام بأن "الحكومة اتفقت مع قنصل اليونان على أن العملة المعتصبين إذا لم يرتدعوا عن إضرابهم عوقب مهيجوهم بالإبعاد عن مصر"، ويمكن أن تعزى موافقة القنصل على هذا الحل، رغم تمتع اليونانيين بنظام الامتيازات إلى أن أصحاب المعامل الذين انحاز إليهم القنصل كانوا بدورهم من اليونانيين!

استمر الاعتصاب لشهر ونصف جرت خلاله مناوشات ومساومات..

أشهر المناوشات جرت يوم 7 يوليو حين تجمهر المعتصبون أمام محل "ملاخرينو وقاتلوا بعض الفعلة الذين أتى بهم أصحاب المحل من الإسكندرية إلى أن فرقتهم القوة فانصرفوا مزمعين الرجوع"!

وقد انبرت الأهرام منتقدة استخدام العنف مع العمال، الطرف الأفقر "الذى يظلم عادة مع كونه أحق بالنصفة" وناشدت أصحاب المعامل أن يتساهلوا "أكثر مما تساهلوا ويرضى اللفافون بأقل مما يطلبون".

المساومات بدأت بعد أربعة أيم بتدخل المحافظة وقنصل اليونان الذى توسط لدى أصحاب المعامل وأقنعهم بأن يزيدوا أجر اللفافين من 22 إلى 26 قرشًا، وقبل الطرفان الحل..

عامان مر أعلى ذلك تمت خلالهما شهور الحمل للحركة العمالية المصرية وبدأت آلام المخاض، فيما حدث خلال صيف عام 1896، والذى صحح فكرة شائعة في تاريخ هذه الحركة تبنتها دراسات عديدة على رأسها العمل الذى وضعه المسيوفاليه VALLET تحت عنوان

Contributionda a letude ia condition des ouvriers

الفكرة أن نقابة لفافى السجاير كانت وليدة لإضراب عام 1899 - 1900 غير أن متابعة الأهرام تثبت العكس..

في 7 يوليو عام 1896 تقول الصحيفة" "يسرنا أن بعض العملة في بلادنا قد شرعوا يحذون حذو العملة في أوربا توصلا إلى صيانة حقوقهم فقد وردنا أن عملة اللفائف في العاصمة قد ألفوا يوم 5 الجارى جمعية دعوها "الجمعية الاقتصادية الشرقية بمصر" وهى مؤلفة من هؤلاء العملة المصريين والسوريين وغرضها المساعدة المادية والأدبية وصيانة مصالح عمال اللفائف ومنع أصحاب معامل التبغ من اهتضام حقوقهم".

في بقية الخبر تشير الأهرام إلى أن الجمعية قد بدأت باكتتاب سبعين عاملا اختاروا من بينهم لجنة مؤلفة من خمسة أعضاء شرعت في وضع القانون الواجب اتباعه.

بعد شهر ونصف وفى يوم 22 أغسطس على وجه التحديد، تلقت الأهرام كراسًا صغيرًا عنوانه "قانون الجمعية الشرقية لعمال اللفائف كانت هي بذاتها الجمعية التي أشرنا منذ مدة تألفها في العاصمة من مصريين وسوريين لصيانة حقوق أولئ العمال".

الكراس تشمن عدة مواد تبين غايتها ونظام الاشتراك فيها وحقوق المشتركين وواجباتهم وغير ذلك من الضوابط والروابط، وتحث الأهرام "جميع طبقات العمال الآخرين في القطر المصرى على تأليف مثلها شدًا لأزرهم ودفعًا لغوائل الضيم والهوان عنهم"!

خلال الأعوام الثلاثة التالية، وإلى أن قام الاعتصاب الشهير كانت الجمعية قد تطورت تطورًا كبيرًا.. الاسم أصبح "الجمعية المتحدة للفافى السجاير" عدد المشتركين بلغ نحو "ألف يدفع كل منهم قروشًا قليلة في كل شهر تنفق على المرضى والبائسين منهم" في التنظيم أقامت لها وكيلين في كل معمل من معامل السجاير تكون مهمتها جمع الاشتراكات وتقديم الخدمات للعمال المحتاجين.

وفى تلك الظروف قام الاعتصاب الشهير وكان "للجمعية المتحدة للفافى السجاير" دور بارز فيه.

***

في أواخر ديسمبر عام 1899 جاءت الأخبار الأولى عن إضراب العمال في معمل فافيادس عن العمل، فقد كان المتوسط المطلوب من العامل أن يلف ألف سيجارة يوميًا، غير أنه نتيجة لأن صاحب هذا المعمل قد طلب "سكاير كبيرة" فلم يكن في مكنة العامل أن يلف أكثر من 600 سيجارة مما كان يؤدى إلى عدم حصوله على أجره كاملا.

فى هذه الظروف تدخلت الجمعية وسألت فافيادس التفاوض غير أنه أبى، تبع ذلك أن رفع عمال معمل كريازى مطالب مماثلة، وحين أوعز صاحب المعمل لأحد العمال أن يكتب في جريدة يونانية تصدر بالقاهرة أن العمال في كريازى ليسوا في حاجة إلى شيء، الأمر الذى أثار استيء رفاقه الذين "أصروا  على إخراجه من زمرتهم فأبى صحب العمل فخرجوا كلهم وتركوا العمل وبدأ الاعتصاب"!

في منتصف يناير عام 1900 أصبح الإضراب عامًا، فهو قد شمل من ناحية 1500 عامل، ثم أنه أدى إلى إغلاق معامل الدخان الخمسة الكبيرة في المحروسة.

وكانت شكوك أصحاب المعامل التي أحاطت بالجمعية المتحدة للفافى السجاير أهم الأسباب وراء اتساع الإضراب، حتى أن أصحاب المعامل ألفوا بدورهم جمعية لمواجهة الجمعية العمالية والدفاع عن مصالحهم.

الجمعية أسماها مؤلفوها "اتحاد أصحاب فاوريقات الدخان في مصر" واتخذت رئيسًا له نستور جانا كليس" واجتمعت في 31 ديسمبر عام 1898 لتتخذ جملة من القرارات.

ارتأت في قرارها الأول أن جمعية اتحاد اللفافين خرجت عن قصدها الخيرى المنوه عنه في البند الأول من كراستها وأنه "يوجد قصد آخر مخالف ليس فقط لصوالح أصحاب الفاوريقات بل لصوالح الشغالة".

القرار الثانى تعامل مع ما جاء في البند الحادى عشر من نفس الكراسة والذى اعتبره اتحاد أصحاب الفاوريقات مخلا بحقوق الإنسان لأنه لا يُعطى للعامل الانسحاب أو الشغل على حسب إرادته مما يجعله "في منزلة الأسير لدى لجنة الجمعية"!

ثالثة الأثافى في رأى لجنة جانا كليس وكريازى وملخرينو أن جمعية اللفافين شكلت لجنة للمراقبة سعت إلى منع أي عامل لا يكون عضوًا فيها من الاشتغال في المعامل، الأمر الذى أدى إلى الصدام بين هذه اللجنة وبين المسئولين في معمل إخوان كريازى عندما أراد أعضاؤها الدخول "بدون سبب ولا تشكى"!

خلصت من كل ذلك إلى القول بأنه "نظرًا لما حصل قررنا باتحاد الآراء أننا لا نقبل مطلقًا لجنة مراقبة في معاملنا ولا مداخلة أحد في إدارة أشغالنا الداخلية وأننا حافظون لنفسنا الحرية التامة في أخذ كل شغال يوافقنا وفى إخراج كل صانع لم يتمم واجباته طبقًا لأصول المحل"!

تبعت ذلك بإنذار وجهته إلى المسي والياك أبو سطولو رئيس الجمعية المتحدة للفافى السجاير بأنه لم ينته الاعتصاب الذى حصل في "محلات أخوان كريازى من طرف الشغالة في بحر ثمانية أيام من هذا التاريخ وإن كان يوجد تشك من طرف الشغالة المذكورة يجرون إلقاءه رأسًا للخواجات المذكورين شخصيًا وإلا فنحن ملزومين بكل أسف يقفل جميع محلاتنا وإخراج جميع الشغالين الذين بهم من ضمن الجمعية المذكورة"!

وقد رأى اللفافون أن اتحاد المعامل إنما يرمى من وراء ذلك الإطاحة بزعماء الاعتصاب، هذا من جانب، واستحضار عمال آخرين، خاصة من عمال المعامل بالإسكندرية وبورسعيد، ليحلوا محل عمال جمعية المتحدة، من جانب آخر، الأمر الذى دعاهم إلى عدم قبول الإنذار والاستمرار في الاعتصاب.

في يوم 9 يناير عام 1900 نفذ أصحاب المعامل إنذارهم فأقفلوا "محلاتهم وأخرجوا العمال منها والمحلات المقفلة هي مجل جناكليس وكريازى وملتيادى وملاخرينو وديمترينو وفافيساديس وماتوسيان وعدد العمال المضربين عن العمل لا يقل عن ألف شخص وقد كنا نتوقع مثل هذه الأزمة بين العمال والتجار"!

دفع ذلك المضربين إلى أن يكتبوا للصحف مبينين أهم الأسباب وراء إضرابهم.

بعض هذه الأسباب نتجت عن معاملة وكلاء المحال لهم "فهذا الوكيل إذا جاء العامل للشغل في المحل أخذ منه برطيلا (رشوة) وله على كل شخص من العمال 10 قروش في الأسبوع على السكاير عمل اليد ومن 15 إلى 20 قرشًا صاغًا لعامل طراز المكرونة ثم الدعوات والسهرات والهدايا والحلويات في أيام الأعياد".

شكا العمال من الوكلاء أيضًا أنهم ينشئون اللوتريات (اليانصيب) على ساعة أو خاتم أو يجمعون الإعانات لغير العمال إجباريًا "فكل عامل مكره على تقديم ما يطلبه الوكيل ولا يجسر على الشكوى إلى صاحب المعمل وإذا اشتكى وجد الوكيل ألف حجة لطرد الشاكى وقد عم هذا الداء أكثر المحلات إلا محلى نستور جاناكليس وديمترينو"!

أسباب أخرى متصلة ببعض سياسات المعمل التي "تأخذ من العامل ثمن فوط لتغطية الدخان ونش للتلصيق وفى كل محل طباخ وقهوجى تؤخذ أجورهما من العمال"!

استحكام الأزمة استمر لشهرين كاملين، وحتى يوم 21 فبراير، جرت خلالهما أحداث متوالية تابعتها الأهرام ويمكن أن نرصدها معها في العلامات الرئيسية التالية.

(*) في يوم 20 يناير اجتمع 1500 شخص من اللفافين الذين يعولون "نحو ثلاثة آلاف من عيال ونساء وأيتام وأقارب وهم بين يونانيين ووطنيين وسوريين وأقباط و أرمن وإسرائيليين وكلهم سبان يحبون العمل ويكرهون البطالة"، وتردد أن بعضهم أبدى تخوفه من إطالة أمد الاعتصاب مما قد يؤدى إلى أعمال لا تُحمد عقباها.

(**) تصور أصحاب المعامل بعد هذا أنها فرصتهم لليى ذراع العمال فقرروا فتح محالهم ليعود إليها العمال الراغبون في العمل غير أن "الدعوة لم تلاق على ما يظهر أننا مصغية إذ كل تربص في مكانه" وصرح أحد العمال للأهرام أنهم لن يعودوا للعمل إلا بعد الاستجابة لشروطهم: إقامة مراقب منهم في كل محل يرقب الراشى والمرتشى، أن يطلب صاحب المعمل من الجمعية العدد اللازم له من العمال منعًا للتلاعب بالأجور، منع صاحب العمل من فصل أي عامل دون سبب موجب "وذلك محافظة على حق كل واحد حتى لا يقتص التجار غدًا من بعض العمال بحجة أنهم كانوا سبب الاعتصام أو المحرضين عليه".

(***) جرت محاولة من جانب صاحب معمل ملاخرينو للاستعانة ببعض اللفافين من بورسعيد وجاءت المحاولة بنتائج عكسية، فقد أغلق أبواب المعمل على هؤلاء الذين عز عليهم أن يكون مسجونين "وأن يكونوا عل رأى يخالف رأى زملائهم فأرسلوا كتابًا إلى جمعية اللفافين يقولون فيه إنهم مكرهون عل العمل فبعث رفاقهم بهذا الكتاب إلى المحافظة، وتم الإفراج عن العمال المحتجزين وفشلت محاولة ملاخرينو!

(****) بدأ تضامن أصحاب المعامل في الاهتزاز، وبينما مال ماتوسيان إلى الاستجابة لبعض مطالب الجمعية فإن فافيادس كان الأكثر تشددًا، الأمر الذى أدى إلى التحول للمواجهة بالعنف، فقد وقف أعضاء الجمعية يوم 5 فبراير أمام أبواب معمل الأخير لمنع العمال من الدخول فاستنجد الرجل بالبوليس الذى جاء مُسرعًا ففرق العمال المتعصبين.

(*****) بعد عشرة أيام وأمام نفس المعمل. فافيادس الذى كان يقع في باب الحديد، قام العمال بمظاهرة تخللها "الصخب والصياح فأسرع منسفيلد بك وكيل الحكمدارية والمعاون ومعهما بعض الشرطة لتفريقهم فلما رأى اللفافون البوليس زادوا صياحًا فانتهرهم المعاون فوقفوا في وجهه وحدثت مشاجرة ثم قبض على 15 شخصًا منهم وساقهم إلى السجن وتفرق الآخرون، ووصلت بذلك الأزمة إلى ذروتها.

بعد أسبوع بالضبط، وفى يوم 21 فبرير، توصل الطرفان أخيرًا إلى اتفاق ساقت الأهرام نصه، وكان أهم ما جاء فيه وضع حد أدنى لأجور العمال "مع الإباحة أن يدخنوا في محل شغلهم، وأن يختاروا ما يوافقهم من المأكل والمشارب، وأن يُعفى العامل من كل ما كان يُكره على دفعه وأني يُعزل الراشى والمرتشى".

وبعد أن أقر الاتفاق هذه الحقوق للعامل انتقل إلى تقرير حقوق أصحاب المعمل فكانت: "عزل العامل الذى ينقطع عن العمل ثلاثة أيام متوالية دون سبب أو بغير إذن، عزل من يُخالف شروط الآداب والسكينة، يُقدِم العامل ما يتلف بين يديه الدخان والسجاير. إذا نقص دخان العمل يوقف عن العمل يومًا واحدًا".

أخيرًا قنن الاتفاق العلاقة بين أصحاب المعامل وجمعية اتحاد لفافى السجاير: بحق العامل القديم في العمل قبل الجديد، في حالة شكوى العامل يحق للجمعية التدخل، تدخل من الخواجة جناكليس للفافين بأن "يخرج العملة المسجونين من السجن".

عاد اللفافون إلى معاملهم في اليوم التالى، 22 فبراير بعد الإضراب الطويل الذى صنعوا خلال مولد الحركة العمالية المصرية.


صورة من المقال: