ads

Bookmark and Share

السبت، 21 نوفمبر 2020

071 قومبانية المياه

 قومبانية المياه

بقلم: د. يونان لبيب رزق

الأهرام الخميس 1 ديسمبر 1994م - 27 جمادى الآخرة 1415هـ


استمر الانسان المصرى حتى ستينات القرن التاسع عشر يحصل على احتياجاته من المياه العذبة من نفس المصادر القديمة بالتعامل مع تلك المصادر مباشرة، الترع وغيرها في الريف والآبار والنهر في المدن.

وتقدم لنا المصادر التاريخية والشعبية صورة طريقة للحصول على تلك الاحتياجات...

في المدن كانت البيوت تحصل على احتياجاتها من بئر قد يخصص لبيت واحد إذا كان كبيرًا أو تشترك فيه مجموعة من البيوت الصغار، وكانت مياه تلك الآبار توظف عادة في الاستخدامات المنزلية، أما مياه الشرب فقد كان السقايون كفيلين بها، وكانت لهم طوائف قوية في سائر المدن المصرية تنظم أعمالهم كما تنظم علاقاتهم بسائر الأطراف بدءًا من "القريبة" الذين يحصلون منهم على احتياجاتهم من وسائل نقل الماء وانتهاء بالأجور التي يحصلون عليها من المستهلكين.

في المدن أيضًا كانت هناك الأسبلة التي كانت توفر مياه الشرب لأبناء السبيل، وكانت تتكون في العادة من ثلاث طبقات، أولاها: تحت الأرض وهى الصهريج، والثانية مع مستوى الأرض وفيها المزملة لتفريق المياه بكيزان من النحاس مربوطة بسلاسل والثالثة مكتب لتعليم الأطفال، ويذكر على مبارك في "الخطط التوفيقية" أنه كان بالقاهرة في منتصف القرن التاسع عشر مائتا سبيل.

تمتعت المدن كذلك بوجود الحمامات التي كانت توفر للمصريين احتياجاتهم من المياه العذبة الباردة والساخمة.

أخيرًا فإن هذه المنظومة المائية لم تنس الحيوانات حيث كانت تتوفر إلى جانب الأسبلة "حيضان سقى الدواب" وهى عبارة عن حيضان من الحجر!

في الريف فإن الفولكلور المصرى يظل محتفظًا بصورة الفلاحات المصرية اللائى كن يخرجن في جماعات لملء جرارهن من أقرب مصدر مائى كما يظل يحتفظ ببعض الأهازيج التي كانت تصحب هذه العملية لعل أشهرها أهزوجة البحر أي النيل الذى يضحك للفلاحة المصرية "وأنا ماشية اتدلع املا القلل"!

هذه المنظومة المائية بكل مفرداتها أخذت في التفكك في عصر إسماعيل وإن كانت هناك جملة من الملاحظات حول هذا التفكك.

الملاحظة الأولى: أن عملية التفكك تلك استغرقت وقتًا غير قصير ليحل محلها المنظومة الجديدة القائمة على "وابورات المياه" والتوصيلات الخارجية والأنابيب الداخلية والصنابير الخاصة والحنفيات العمومية ومياه الرش ورى الحدائق فضلًا عن حنفيات الحريق.

أما في الريف فالتأخر كان طويلًا حتى أنه إلى سنوات قليلة استمرت الفلاحات المصريات يخرجن إلى مصادرهن المائية وإن كن قد توقفن عن "الدلع وهن يملأن القلل"!

الملاحظة الثانية: أن عملية التفكك قد بدأت في المدينتين الكبيرتين القاهرة والإسكندرية، وفى الأحياء الجديدة وعل وجه الخصوص الأحياء التي قطنها الأجانب.

مرة أخرى لعلى مبارك باشا ليقدم شهادته في هذا الشأن... عن دخول المياه العذبة إلى بيوت الإسكندرية... قال: "مما زاد في تحسين دائرها وتنمية فوائدها وتكثير محلات النزهة بها الرخصة التي أعطيت لشركة من الافرنج رأس مالها 800000 فرنك بإنشاء وابور على المحمودية لتوصيل المياه الحلوة إلى جهة الرمل وما جاورها فإن هذا الأمر كان سببًا في بناء المنازل والحوانيت فاتسعت بذلك مساحة العمران".

وأهم ما نخرج به من تلك المعلومة التي قدمها لنا "ناظر الأشغال" المصرى الشهير أن الشركة "من الافرنج" أي أجنبية، وأن سكان الرمل كانوا في أغلبهم من الأجانب، وإذا كان هناك قدر من الاختلاف في العاصمة فصادر عن أنه قد استفاد إلى جانب هؤلاء من المنظومة المائية الجديدة الارستقراطية التي تناثرت سراياتها في الأحياء الجديدة فضلًا عن قصور الخديوى ودوائر الحكومة.

الملاحظة الثالثة: أن قومبانية القاهرة التي تأسست عام 1865 قد سبقت قومبانية الإسكندرية بنحو عقد ونصف (1879)، وأن القومبانية رغم إعلانها كشركة مساهمة مصرية إلا أن الفرنسيين، قد سيطروا عليها أما القومبانية الثانية فقد أعلنت منذ البداية كشركة مساهمة انجليزية.

الملاحظة الأخيرة: أن ما بدأ على نطاق ضيق خلال عصر إسماعيل توسع كثيرًا خلال الثمانينات بعد أن استقرت الأمور وحدث الهجوم الأجنبي... من جاليات ازداد عددها واتسعت الأحياء التي تقطنها، ومن شركات سعت إلى استثمار أموالها وكانت عمليات تنقية المياه وتوصيلها إلى الدور وبيعها وجهًا من وجوه ذلك الاستثمار، وهو ما استمر الأهرام يرصده خلال ذلك العقد.

***

أول ما نلاحظه أنه حتى أواخر الثمانينات فقد ظل وصول المياه النقية إلى البيوت محدودًا في منطقة الإسماعيلية في العاصمة الأمر الذى دعا الأهرام إلى المطالبة بأن تصل "المياه المقطرة إلى جميع العاصمة وأن لا تأخذ الشركة من الذى يشترك في المياه إلا ثمن الأنابيب"!

تبع ذلك أن سمحت الحكومة للشركة بمد جهة الأزبكية لكى توزع على البيوت على أن يأخذ على "النفر الواحد منها من ستة إلى ثمانية قروش وهو عمل خيرى تستحق عليه الحكومة الشكر"!

عرفت الثمانينات أيضًا وضع قواعد الامتياز لقومبانيات المياه وقد قضت في جانب منها بألا يزيد "ثمن المتر المكعب من الماء المقطر الذى يوزع على المساكن عن ثلاثة قروش ميرية". وقضت في جانب آخر بأن لا "يحسب ثمن المياه التي تلزم للحكومة في رش الطرق وفى لزوم الجوامع والمبانى وغيرها بأكثر من قرش واحد"، وقضت في الجانب الآخر بأن "تنشئ الشركات حنفيات خصوصية تفتح في أنحاء المدينة في أوقات معلومة من النهار لكى يأخذ الفقراء منها ما يلزم لهم من المياه مجانًا"!

ولعل المشكلة الأساسية التي استمرت تواجه "قومبانيات المياه" في العاصمة أو في الإسكندرية قد نتجت عن محدودية الاقبال من جانب المصريين على طلب الاشتراك في الحصول على "المياه المقطرة" فقد كان الانتقال من عصر السقايين إلى عصر القومبانية يتطلب وقتًا.

المعركة التي دخلتها الأهرام في أواخر عام 1889 تؤكد أن جانبًا كبيرًا من المصريين استمر عازفًا، وعلى الأصح عاجزًا، عن التعامل مع شركات المياه النقية.

بدأت المعركة بما قامت به الصحيفة من استلفات نظر مصلحة الصحة العمومية "إلى السقايين الذين يملأون قربهم من المياه القذرة النتنة ويبيعونها لسكان البيوت غير المشتركين من قومبانية المياه وما قصد هؤلاء السقايون بذلك إلا توفير ما يدفعونه من النقود ثمن المياه التي يأخذونها من الحنفيات ولهذا يذهبون فيملأون قربهم من ترعة الإسماعيلية..."

بعد أيام قليلة بشر الأهرام قراءه بأن إدارة الصحة قد استجابت لندائه وكتبت إلى محافظة مصر بوجوب التنبيه على السقايين بأن لا يملأون قربهم وبراميلهم من ترعة الإسماعيلية في المكان الذى تصب فيه الطلمبات النازحة بأن تأمر البوليس بمراقبتهم والقبض على المخالفين منهم".

غير أن أسابيع قليلة تمر "وتعود ريما لعادتها القديمة" ويعود السقايون إلى تعبئة البراميل من ترعة الإسماعيلية، الأدهى من ذلك أن واحدًا من قراء الصحيفة يكتب إليها مطالبًا ترك السقايين وحالهم "يبيعون الماء بالبراميل لفائدتين أولاهما لهم من حيث الاسترزاق والمعاش والثانية للفقراء من الأهالى من حيث الرخص في جانب ماء الشركة".

ومع أن الأهرام لم يوافق قارئه على ذلك لأنه "يوفر للقارئ قرشًا ويعدمه الصحة التي لا تقوم بثمن" إلا أنه طالب إدارة "القومبانية" بتخفيض الأسعار "رأفة بالمساكين والفقراء الذين لا يبتاعون مياه البراميل إلا للتوفير والاقتصاد" ويبدو أن مصلحة جميع الأطراف قد التقت عند هذا الحل. حل توفير "مياه القومبانية المقطرة" لغير القادرين مما يمكن أن نتبينه من تحركات الجانبين... الحكومة والقومبانيات.

كانت المناسبة اقتراحًا قدمه وكيل نظارة الأشغال بأن تقوم الحكومة بإسعاف شركات المياه الجديدة التي يمكن أن تقوم في سائر البنادر بمبالغ مالية اعتمد لها عشرة آلاف جنيه في ميزانية النظارة، وهذا فضلًا عن تعهد من الحكومة بشراء المياه اللازمة لجميع فروع إدارتها إلى عشر سنوات، أما السبب الذى قدمه الرجل لذلك فهو أن السكان "لم يتعودوا على ابتياع المياه".

والتقطت الشركات طرف الخيط الذى ألقته لها الحكومة وقامت بدور فعال في النقلة الاجتماعية من عصر السقا إلى عصر القومبانية.

تبارت الشركتان الكبيرتان في القاهرة والإسكندرية في تقديم "تسهيلات إدخال المياه إلى المساكن" على حد تعبير الإعلانات التي استمرتا في نشرها في الأهرام...

شركة مياه الإسكندرية قررت أن "تقدم الشروط الآتية لوضع المواسير والحنفيات في البيوت":

* يدفع ثمن التشغيل حسب إدارة المشترك في بحر مهلة تمتد من أربعة إلى ستة أقساط وكل قسط ثلاثة شهور بدلًا من أن يكون الدفع نقدًا كما هو جار الآن.

* كل بيت يرغب في ادخال مواسير تتجاوز قيمتها خمسين جنيهًا يمكن أن يدفع هذا الثمن في مهلة تمتد من ثمانية إلى 12 قسطًا (قسط كل ثلاثة شهور).

أما شركة مياه القاهرة فقد جاء في أحد إعلاناتها أنها "تسهيلًا لاقتناء الماء تضع مجانًا بالمحلات التي لم يسبق وجود مياه فيها ما يلزم من أدوات وغيرها بشرط أن لا تتجاوز قيمتها 200 قرش أنا إذا زادت المصاريف عن المبلغ المذكور فإن القومبانية تتنازل عن مايتى قرش فقط من أصل ذلك"!

ويبدوا أن هذه الحملة التي قامت بها الشركتان خلال عام 1888 قد أتت ثمارها خلال العام التالى مما يمكن تبينه من جملة من الأخبار التي نشرتها الصحيفة..

خبر من الإسكندرية أن "قومبانية المياه" فيها شرعت تلبية لطلب أصحاب أراضى النواطير "الكائنة على الشارع المؤدى إلى الرمل تجاه سراى مصطفى باشا في وضع مواسير للمياه في تلك الجهة وليس بخاف أنه قد أقيم في تلك الأراضى منازل وجناين صيرتها ذات قيمة عظيمة مما لا شك في ازدياده بعد وصول المياه إليها".

خبر من القاهرة أن القومبانية بعد زيادة التسهيلات التي قدمتها للمشتركين أصبحت الفائدة مزدوجة "ولهذا رأينا كثيرين ولاسيما من أبناء البلاد تقدموا إلى الاشتراك ولا نعجب إذا أطردت الزيادة فلا تمضى مدة إلا ونرى جميع بيوت مصر وجنائنها تستقى من أنابيب الشركة وقد علمت أن الشركة المذكورة تتساهل كل التساهل في أمر تركيب الأنابيب وأثمانها ونفقاتها"!

وكما يلفت النظر في هذا الخبر الأخير الإشارة إلى تقدم "المزيد من أبناء البلاد"، أي المصريين، مما كان يعنى غلبة الأوربيين من المشتركين من قبل، فإنه يلفت النظر أيضًا الإحصاءات التي استمر الأهرام يسوقها عن أعداد المشتركين، منها خبر في 26 مارس عام 1891 فحواه أنه قد تقدم خلال هذا الشهر للشركة "نحو تسعين مشتركًا جديدًا"، ومنها خبر آخر في 18 أبريل من نفس العام أنه قد "جد من المشتركين في مياه الشركة من غرة هذا العام إلى الآن 245"، ورغم ما يبدو من تواضع هذه الأرقام في وقتنا الحالي إلا أنها كانت كبيرة بمقاييس العصر.

وكان هذا التحول بمثابة إعلان أن مصر قد دخلت خلال تسعينات القرن الماضى عصر "القومبانية" وبدأت تهجر عصر السقايين الأمر الذى بدت قسماته في جوانب أخرى...

***

أولى هذه القسمات التوسع الكبير الذى عرفته التسعينات لشركات تكرير المياه، وكان كميًا في أحد جوانبه وكيفيًا في جانب آخر.

الكمى بدا أولًا في انتشار "قومبانيات المياه" في الأقاليم أو البنادر على حد تعبير الأهرام، فبعد المشروع الذى كان قد أعده الكولونل مونكريف وكيل وزارة الأشغال والذى وافق عليه مجلس النظار في أغسطس عام 1889 أعلن الأهرام أن المجلس قد ارتأى قيام شركات المياه الجديدة في طنطا والمحلة الكبرى ودمياط ودمنهور.

بيد أننا نلاحظ أن أولى شركات المياه التي تكونت بعد صدور قرار مجلس النظار كانت في طنطا، مع أن الحكومة قد عاملتها بنفس معاملة "القومبانيات" الأخرى في القاهرة والإسكندرية إلا أنها رفضت مطلبها بأنها إذا لم تحصل على 3% حد أدنى لأرباحها تعوض على ما دون ذلك.

الشركة الثانية من شركات البنادر كانت في أسيوط التي اشترطت الحكومة عليها أن تضع في أنحاء المدينة ثلاثين حنفية "يستقى منها الفقراء وترس بها شوارع المدينة مقابل مبلغ معلوم تدفعه الحكومة للشركة.

الشركة الثالثة كانت في المطرية التي تقدم الخاوجات جرم وليونور بامتياز انشاء للمياه في جهاتها والتي عانت فى بداية عملها من عدم "اقبال سكان تلك الجهة باستعمال مياه الشرب"!

الكمى أيضًا بدا في عدم اقتصار تلك "القومبانيات على توفير مياه الشرب للبيوت بل تعدتها إلى خارجها... في الحنفيات العامة التي استمرت ملزمة بتوفيرها للمناطق الفقيرة. وقد حفل الأهرام بأخبارها نشر تلك الحنفيات ننتقى منها خبرين أحدهما من القاهرة والثانى من الإسكندرية.

خبر القاهرة جاء فيه: "اتفقت الآراء على أن يوضع حنفيتان للمياه في جهة العباسية أحدهما في عزبة العادلى والأخرى في عزبة المحمدى وذلك على نفقة الحكومة وقدرت النفقات اللازم دفعها لقومبانية المياه بستة فرنكات في كل يوم".

أما خبر الإسكندرية فقد جاء فيه: "عزمت شركات مياه الإسكندرية على إقامة حنفية مياه للشرب في جهة المغربى بجوار الكرموز بناء على طلب الصحة ليمتنع أهالى تلك الجهة عن الاستقاء من الترعة التي لا يصلح ماؤها للشرب "أردفته بعد أيام قليلة بخبر آخر جاء فيه أن الشركة قد أتمت "إقامة الحنفية وبدأت بالعمل بها من ثلاثة أيام إلا أن الأهالى لازالوا يستقون من الترعة!

وتعدتها أخيرًا إلى خارجها في إنشاء حنفيات لرى الحدائق والتي كثيرًا ما جرى النزاع بين القومبانية وبين مصلحة الصحة التي كانت مسئولة عن كل المياه التي تحصل عليها الحكومة في أي من الاستخدامات السابقة حول أثمان هذه المياه.

التوسع الكيفى يمكن متابعته ف وجهين على الأقل: إقامة صناعة للثلج وانشاء حمامات للسباحة مما يمكن تبينه ليس من صفحات الأخبار وانما من صفحات الإعلانات!

جاء في أهرام 10 أبريل عام 1890 الآتى: "إعلان من قومبانية المياه بمصر - تتشرف بإعلان الجميع بأنه ابتداء من يوم الثلاثاء الموافق 18 أبريل 90 الجارى تجرى مبيع ثلج مصنوع بواسطة الهواء المضغوط بدون أدنى مواد كيماوية من درجة 5 سنتجراد أدمن البرودة بسعر ثمانية غروش صاغ اللوح الذى وزنه عشرون كيلو وبسعر أربعة قروش صاغ نصف اللوح والمبيع كل يوم بمحل وابور القومبانية بشارع بولاق"!

الأطرف منه الإعلان الصادر عن إنشاء حمام سباحة وقد جاء في عدد الأهرام يوم 26 مارس عام 1891، ولطرافته نسوقه بنصه.. قال: "حيث مشروع القومبانية إحدى حمامات تحتوى على حوض معد للسباحة بمياه رائقة جارية ودوش وحمامات تركى بمحل وابور المياه بجوار كوبرى أبو العلا فيكون معلوم الجميع بأن القومبانية مستعدة لتوريد قطعة أرض مساحتها 2500 متر لذلك كذا توريد المياه الرائقة الباردة والسخنة من درجة 10 سنتجراد إلى 40 سنتجراد بحسب اللزوم وأيضًا توريد بخار سخن من درجة 4 أطمسفير ومياه باردة بقوة 2 أطمسفير فكل من يرغب تعاطى أشغال مثل هذه يشرف محل القومبانية"!

ونعتقد أنه كان أول حمام سباحة تعرفه مصر.

وفى ظل هذه المتغيرات كان الحرص على درجة نقاوة المياه بالغًا الأمر الذى استمر مصدر إلحاح من جانب سلطات الصحة ومصدر قلق من جانب القومبانيات.

ولعل المعركة التي جرت في ربيع عام 1889 بين "كيماوى الصحة" الذى كتب تقريرًا طالب فيه بالتحوط لمنع أضرار المياه وبين الشركة التي أرسلت عينة من المياه ختمت عليها مع مندوب الصحة إلى "المسيو مونتز الكيماوى الفرنسي الشهير ففحصها وأرسل عنها تقريرًا دحض فيه براهين كيماوى الصحة" تقدم صورة لهذه المشكلة.

ومع أن الأهرام قد علق على تلك المعركة بقوله "أن مياه شركة في غاية النظافة وأن تنديد البعض فيها انما هو تحامل لأغراض نفسانية"، وتصور أنه بذلك قد أغلق هذا الملف إلا أنه قد استمر مفتوحًا حتى يومنا هذا!

صورة من المقال: