ads

Bookmark and Share

الأحد، 8 ديسمبر 2019

058 شيخ البلد

شيخ البلد
بقلم: د. يونان لبيب رزق
الأهرام الخميس 1 سبتمبر 1994م - 24 ربيع أول 1415هـ

شيخ البلد كبير القرية المصرية بعد العمدة، وقبله أحياناً، شخصية خلفت بصمة واضحة على الوجدان الشعبى العام، الأمر الذى انعكس على بعض وجوه التعبير عن هذا الوجدان في الموروثات الفولكلورية.
وقد لاحظ الباحثون في أوراق الديوان أن الأهرام قد أولى عناية خاصة لهذا الكبير، خاصة خلال السنوات الأخيرة من ثمانينات القرن الماضى، الأمر الذى أملى تخصيص ملف "شيخ البلد" سرعان ما امتلأ بالأوراق التي تروى قصة حافلة بالغرائب بدا الوضع معها شديد التضارب بين شخصية معروفة وتاريخ مجهول، مما يدعو إلى التقليب في أوراق هذا الملف.
***
تبدد مجموعة الأوراق الأولى فكرة شائعة وهى أن شيخ البلد منصب ضارب في أعماق التاريخ المصرى كما هو ضارب في أعماق الريف المصرى، إذ تقول هذه الأوراق أن المنصب قد استحدثه الفرنسيون خلال الفترة القصيرة التي قضوها في مصر (1798 - 1801)، فيما قرره المؤرخ المعروف الذى أرخ لفترة الحملة "الشيخ عبد الرحمن الجبرتى" الذى قال بالحرف الواحد "لما نظموا أمور القرى والبلدان المصرية على النسق الذى جعلوه رتبوا عل مشايخ كل بلد شيخاً ترجع أمور البلدة ومشايخها إليه".
تشير هذه الأوراق أيضاً إلى أن الوظيفة قد استمرت بعد خروج الفرنسيين بل اتسعت صلاحياتها وفقاً للمتغيرات التي أخذت في الحدوث خلال القرن التاسع عشر، مما أضفى على "شيخ البلد" كل ذلك الصيت.
من بين هذه المتغيرات ما استتبع تعاظم دور الحكومة المركزية، الأمر الذى استوجب أن يكون لها من يمثلها في كل جزء من الريف لتأدية المهام الحكومية..
في الأعمال الزراعية كان الشيخ مسئولاً عن أن يمد الحكومة بالأنفار العاملين في المشاريع العامة بنظام السخرة، أو ما كان يعرف باسم "العونة" وكان مسئولاً عن السعر على حراسة الجسور خاصة في مواسم الفيضان.
في التجنيد كان على شيخ البلد أن يمد الحكومتين بأولئك "اللايقين للخدمة العسكرية".
في الأمن كان ضمن مسئوليات شيخ البلد، هو والخفراء الذين تحت إمرته ضبط مرتكبى الجرائم في زمام حصته وتسليمهم للمسئولين في المركز.
وتشير هذه الأوراق من بين ما تشير إليه إلى أنه نتيجة لأن أيدى الحكومة المركزية الجديد قد وصلت إلى كل "فج عميق" في الريف المصرى مما تمثل في موظفيها الذين استمروا يترددون على كل قرية وكفر ودسكر في هذا الريف فإنه من بين الواجبات التي كلف بها "شيخ البلد" أن يستضيف هؤلاء إبان فترات وجودهم في الحصة المسئول عنها في مقابل ما كان يسمى "بمسموح المصاطب" وهى أراضى معفاة من الضرائب تبلغ مساحتها 5% من زمام القرية كانت تمنح لهؤلاء.
وليس من شك أن كل هذه المهام التي أوكلت إلى شيخ البلد هي التي دفعت ناظر الداخلية إلى أن يقرر في منشور له صادر إلى مديرى المديريات أن "مشايخ البلدان هم نواب الحكومة في جهاتهم".
من بين ما تضمنته هذه الأوراق التي ضمها ملف "شيخ البلد" ما أصاب هؤلاء في وضعيتهم الاجتماعية نتيجة للمتغيرات الاقتصادية التي عرفها الريف المصرى خلال القرن التاسع عشر، خاصة ما تعلق منها باستقرار الملكية الزراعية، الأمر الذى استغرق نحو أربعين عاماً بين أواخر عصر محمد على وأواخر عصر إسماعيل.
ويمكن هنا أن نميز بين نوعين من كبار ومتوسطى ملاك الأراضى.. الغرباء عن الريف خاصة من كبار الموظفين والأجانب، والعناصر الريفية وكان شيوخ البلد أهم تلك العناصر.
وقد حصل هؤلاء على ملكياتهم بوسائل شتى كان أولها أراضى "مسموح المصاطب" التي كانت بمثابة النواة لملكياتهم تلاها في الأهمية أطيان الفلاحين المتوفين بدون وريث والتي كثيراً ما كانوا يتحايلون للاستيلاء عليها، فضلاً عن وسائل أخرى عديدة.
***
(المجموعة الثانية) من أوراق الملف تتناول علاقة شيخ البلد بالإدارة والتي دخلها تعقيدات عديدة بدأت قبيل الاحتلال البريطاني للبلاد وتزايدت في أعقابه..
من هذه التعقيدات ظهور منصب العمدة والذى أصبح الرئيس الإدارى للقرية وتحت رئاسته شيخان أو أكثر من شيوخ البلد كان كل منهم مسئولاً عن حصة من الحصص التي تقسم إليها القرية ويعاونه في حفظ الأمن شيخ الخفراء.
تعقيد آخر نجم عن حرمان المشايخ من الامتيازات السابقة التي كانوا يتمتعون بها خاصة فيما يتصل بأراضى "مسموح المصاطب" التي أسقطت كل الإعفاءات التي كانت تتمتع بها في عهد سعيد، الامر الذى أثقل كاهلهم بواجبات دون حوق مما ترتب عليه ظاهرتان ألح الأهرام في ابرازهما في مناسبات عديدة..
الظاهرة الأولى: انصراف العديد من أبناء الأسر الكبيرة عن الاشتغال بهذه الوظيفة بكل ما ترتب على ذلك من مضاعفات تقررها الجريدة في عدد الصادر يوم 29 يناير عام 1887 بقولها:
"ليس بخاف ما لمشايخ البلاد في جهات القطر من الأهمية في تأدية طلبات الحكومة وفصل الاختلافات بين الأهالى غير أن حرمان هؤلاء المشايخ من الامتيازات التي كانت لهم في السابق إزاء ما يضطرون إليه من الأتعاب والمصاريف قد أخر اللائقين لهذه الوظيفة عن التقدم إليها بطيبة خاطر فأدت الضرورة لتسليمها إلى من لا يليقون لها وأصبحت الأشغال موضوعاً لغايتهم الباطلة وأطماعهم الدنيئة"!
الظاهرة الثانية: متصلة بما أسماه الأهرام "الغايات الباطلة والأطماع الدنيئة". فقد انتشرت على نطاق واسع أعمال استغلال السلطة من جانب شيخ البلد مما أضفى على أصحاب المنصب ظلالاً غير مريحة.
لعل هذه الشكوى التي رفعها مكاتب الأهرام في شبراخيت نيابة عن أهالى ناحية المعيصرة تقدم نموذجاً لذلك.. جاء في تلك الشكوى أن أهالى تلك الناحية "يشكون من شيخ البلد لضيق ذات يده ولسوء إدارته وقد طلب المركز من المديرية مراراً عزله فالأمل التفات سعادة المدير إلى هذا الشأن صيانة لحقوق الأهالى"!
ورقة أخرى من هذه المجموعة تشير إلى أن كثيراً من أسباب هيبة "شيوخ البلد" كانت قد أخذت في التهاوى وقتذاك فانصراف أبناء الأسر الكبيرة عن المنصب قد أدى إلى التغاضى عن شرط أساسى من شروطه القديمة.. شرط الملكية الزراعية التي لا تقل عن خمسة أفدنة.
من ناحية أخرى، وعلى الرغم من كثرة المنشورات التي حددت طرق اختيار شيوخ البلد إلا أن مأمورى المراكز كثيراً ما استغلوا سلطتهم في عزل بعضهم وتعيين آخرين وفقاً للأهواء الشخصية.
من ناحية ثالثة فإن القانون كان ينص على ألا يقل شيوخ البلد في أية قرية عن اثنين. وبالرغم من تحديد حصة كل شيخ في قريته فإن هذا التعدد فتح الباب واسعاً للمنازعات بين هؤلاء الشيوخ الأمر الذى كثيراً ما كان يصل إلى تدير مدير المديرية بنفسه لتسويتها.
نستدل على ذلك من أخبار عديدة نختار منها هذا الخبر الذى بعث به مكاتب الأهرام في دمنهور والذى جاء فيه أنه "قد تمت تسوية المسألة المتعلقة بشياخة ناحية خربتا على غاية ما يرام بهمة سعادة المدير فأمسى في الناحية المذكورة ستة مشايخ وكل إلى عهدتهم أمر الأهالى والمأمول أن تستقيم أحوال البلدة رعاية للنظام والراحة العامة"!
وقد تبدى سقوط الهيبة من جملة من الأخبار تشير إل أن أبناء القرى قد استمروا يعملون على اسقاط مشايخهم الأمر الذى تفشى إلى درجة أصبح يشكل معه ظاهرة دعت الأهرام إلى التحذير منها..
قال الجريدة في 9 يوليو عام 1888 "نستلفت أنظار نظار الداخلية والمديريات إلى ما يختلقه بعض الأهالى من الحيل والأسباب الوهمية لرفت مشايخ البلاد من وظائفهم لأسباب شخصية ويساعدهم في ذلك بعض الكتاب فيرفت من أولئك المشايخ من لا ذنب له والحال أن أمر اختيارهم يجب أن يكون منوطاً بحكم المديرين وأمر رفتهم بموجب حكم لجنة تكون قد حققت ذنبهم"!
وكانت الخيارات أمام حكومة القاهرة صعبة، فلم تكن أبداً على استعداد لإلغاء المنصب ولأسباب عديدة..
الاحتياطات المالية كانت تمثل سبباً جوهرياً، ولعل تلك المناقشات التي جرت حول زيادة قوات البوليس في الريف، وما يمكن أن تتمخض عنه تلك الزيادة من اثقال كاهل الخزينة بالنفقات تقدم صورة لهذا..
ومرة أخرى نعود للأهرام الذى يتدخل في تلك المناقشات وينصح بالاعتماد على شيوخ البلد بدلاً من زيادة رجال البوليس.. وقد أسس هذه النصيحة على القول بأن "أهال بلدنا قوم ينقادون إلى أوامر الحكومة ومهما تعاظم الخطب في بلدة يكتفى بإرسال إشعار إلى شيخ البلدة لطلب المشاغبين فينقادون دون تردد مطلقاً ولهذا إذا عادت عوائد الأيام السالفة بتدريك مشايخ البلاد بكل ما يحصل فيها وأنهم هم المسئولون دون سواهم فلا يكون هناك لزوم البتة إلى قوة بوليس"!
دراية شيوخ البلد بأهالى الحصص المسئولين عنها كانت تقدم السبب الآخر من أسباب ضرورة الإبقاء على أصحاب هذا المنصب، وعلى حد قول الأهرام أن "كل شيخ بلد يعلم كل فرد من أفراد بلدة ولا تخفى عليه خافية ولأنه مسئول شخصياً فلا يمكن حدوت أي حادث مكدر"!
من ثم كان ضرورياً العمل من جانب الإدارة الحكومية على إعادة القدرة لهؤلاء الشيوخ مما بدا في اجراءين قامت بها سلطات القاهرة أوخر عام 1888..
الاجراء الأول بإعادة شكل من الامتيازات لشاغلى هذا المنصب مما يغرى العناصر الطيبة على القبول به، ولما كان من الصعب أن تأتى هذه الامتيازات من خلال مكافآت مادية فقد قر الرأي في دوائر الحكومة على اعفائهم هم وأبناؤهم من الخدمة العسكرية وأشغال العونة مما تضمنه أمر عالى صادر في 31 ديسمبر عام 1888.
الاجراء الثانى بإصدار لائحة للخفراء توفر لهؤلاء الحد الأدنى من المكافأة ليكونوا عوناً قوياً لشيخ البلد على القيام بأعبائه.
فقد انتقدت الصحف بما فيها الأهرام السياسة الحكومية حيال الخفراء القائمة على الخدمة المجانية. وكان رأيها إكراه هؤلاء على العمل "وإلا شاركوا اللصوص في سلبهم واقتسموا العين المسلوب".
وعندما تقرر أن يحصل الغفير على 45 قرشاً شهرياً رأى الأهرام أنها خطوة لا بأس بها وإن استمر يطالب بزيادة هذه الأجرة لأم "من يحرس البلدة ليلاً لابد أن ينام نهاراً ومن يحرس ليلاً وينام نهاراً فلا دخل له غير ما يرد من أجرة حراسته في الليل".
وإن كانت تلك الإجراءات في شقيها خطوة طيبة في طريق تحسين أوضاع شيوخ البلد التي كانت قد تدهورت كثيراً بيد أنها لم تكن كافية.
***
(المجموعة الثالثة) من أوراق الملف تتعرض للعلاقة بين شيخ البلد وأهالى الحصة التي يمارس عليها سلطاته..
جاء في منشور لنظارة الداخلية صادر في 15 سبتمبر عام 1884 عن مشايخ البلد أنهم "نواب الحكومة في توطيد نظام الضبط والربط ببلادهم وعليهم المدار في عمارها واستقرار أحوال أهلها وتثبيت أقدامهم فيها وتمثير ثروتهم بالعدل والمساواة بينهم.." وكان من الطبيعى مع هذا أن تتنوع سلطاتهم.
جانب أول من جوانب هذه السلطات متعلق بدور هؤلاء الشيوخ في جمع مال الحكومة، وكان مديروا المديريات يقومون بين الحين والآخر بعقد جمعيات من شيوخ البلد لمحاسبتهم على ما تم إنجازه في حمع هذا المال وتقريع المقصرين منهم.
الجانب الثانى خاص بدورهم في عملية الإنتاج اتصل بعضه بمقاومة دودة القطن واتصل البعض الآخر بمراقبة الجسور خاصة خلال موسم الفيضان.
جانب ثالث خاص بالعونة، وهو الجانب الذى قرره الأمر العالى الصادر في عام 1885 والذى جاء فيه أنه "يجب على كل شيخ بلد أن يقدم للمديرية في 15 يوليو (9 ابيب) كشفاً بأسماء الأنفار المقتضى اخرجهم منه، أما هؤلاء الانفار فيقسمون إلى قسمين متساويين أحدهما يخفر على الدركات في غرة أغسطس والثانى يخرج في غرة سبتمبر ويستمر الخفر حتى يصدر أمر نظارة الاشغال برفعه".
وقد تشددت نظارة الداخلية في هذا الجانب من وظيفة شيوخ البلد فأصدرت منشورات عديدة بعضها له صيفة تنظيمية والبعض الآخر ذو طابع تهديدى..
من المنشورات التنظيمية ما أصدرته في منتصف عام 1887 والذى حدد أعمار أنفار العونة بين 15 و 50 سنة والأعداد التي يتوجب على كل شيخ أن يقدمها.
ومن المنشورات التهديدية انذاراتها المتكررة لكل شيخ بلد يتأخر عن اخراج العدد المكلف به من الأنفار بالعزل وتعيين بدله.
تقديم المطلوبين للقرعة كان يشكل جانباً آخر من جوانب مسئوليات شيوخ البلد والذين كانوا بحكم مناصبهم يشاركون في لجان الفرز، وهى اللجان التي كانت تقوم بفحص الانفار الذين سجلهم شيوخ البلد في "كشف كل قرية".
في مجال الأمن كانوا مطالبين فضلاً عن توفير الحماية للقرية من خلال الخفراء ضبط الجناة في الجرائم التي ترتكب في نطاق حصصهم، ثم التحقق من الغرباء.
في 23 أكتوبر عام 1888 نشر الأهرام أمراً من رئيس النظار إلى سائر مشايخ البلدان جاء فيه أنه "لما كان بعض الأهلي غير الموسرين يتنقلون من مديرية إلى أخرى طلباً للرزق.. كان من الواجب عل المشايخ مناظر الغرباء في جهاتهم وإحصاء أسمائهم".
بيد أن هذا الجانب التنظيمى في العلاقة بين شيوخ البلد وأهالى حصصهم لم يكن دائماً يسير وفقاً لما جاء في الأوامر العليا واللوائح والتنبيهات.
ويقدم منشور "سعادة مدير الفيوم" الذى نشره الأهرام في صدر صفحته الأولى في عدده الصادر في 24 نوفمبر عام 1888 صورة لما وصلت إليه بعض ممارسات هؤلاء، جاء في مستهل هذا المنشور الذى يخاطب شيوخ البلاد "كثر شاكوكم وقل شاكروكم ولم ار لكم في الماضى اثر يحمد ولا في الحاضر عملا يشكر..
"أتت إلى الأرملة والحامل من بلاد بعيدة تجر أولادها وتسير في الرمال عارية جائعة وهى تشكى حقاً لها نهبتموه وباطلاً إليها نسبتموه واستغاث بى اليتيم والعاجز والفقير من مظالمكم المبتدعة وأعمالكم المستقبحة افتظنون انكم على ذلك تؤجرون كلا إن الحكومة لكم بالمرصاد وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"!
يقدم المنشور بعد ذلك صورة للمظالم التي كان يوقعها الشيوخ بالأهالى من "نهب أطيان المتسحبين"، أي أولئك الذين كانوا لا يتحملون كل الحكومة فيتركون الأرض وما عليها(!)، واتخاذ أنواع التحايل "لأجل الحصول على حقوق البسطاء والمساكين" ويعدد أشكال هذا التحايل بشراء الأطيان بموجب سندات عرفية مشكوك في صحتها، وحرمان الفلاح من ثمرة أتعابه على حد تعبير مدير الفيوم!
ويأخذ المنشور على المشايخ معرفتهم بمرتكب الجريمة "ولكن تخفونه عن الحكومة لمنفعة لكم تطلبونها أو لعيوب عندكم تخفونها خوف الافشاء"!
كشف مكاتب الأهرام في المنوفية في العدد الصادر في 16 يونيو 1888 عن مزيد من وجوه القصور في التعامل بين شيوخ البلد والفلاحين كان منها تواطؤهم على إخفاء البعض "من أرباب الصنايع عندما تصدر الأوامر بوضع ضريبة الويركو عليهم"، ولم يكن هذا الاخفاء بريئاً بالطبع.
كان منها اخفاؤهم لأنفار العونة الذين العونة الذين تستحق عليهم البدلية وذلك حتى يمكنونهم من التهرب منها. ولم يكن وراء هذا الاخفاء بواعث إنسانية في أغلب الحالات!
كل منها اهمال "الطلبات التي ترسل للأهالى والمشايخ من جانب الحكام ليأتوا لجهة الإدارة لإتمام ما يطلب منهم". وهم يستعملون في هذا والكلام لا زال لمكاتب المنوفية "المحاولة والمراوغة.. ولا يخفى ما يحصل بذلك من التأخير والتعطيل لأنه قد تكون الطلبات مهمة جداً"!
أما مكاتب الأهرام في كفر الشيخ فقد حفلت تقاريره بالحيل التي كان يلجأ إليها شيوخ البلد في هذه المديرية لتقديم كشوف غير حقيقية لأنفار القرعة الأمر الذى لم يؤد فحسب إلى فصلهم من وظائفهم بل كثيراً ما أدى إلى تقديمهم للمحاكمة.
وقبل أن نترك الورقة الأخيرة في هذا الملف نقرأ تقريعاً شديداً تسوقه الأهرام لشيوخ البلد لامتناعه عن التوقيع على "أوراق الضمانات التي يقدمها المستخدمون في الحكومة مع شدة لزومها والحاجة إليه" الأمر الذى لا نملك معه ونحن نغلق هذا الملف بأوراقه العديدة إلا الاقتناع بأن شيوخ البلد في الريف المصرى كانوا شراً لابد منه!

صورة المقال: