ads

Bookmark and Share

الخميس، 4 يوليو 2019

046 أولاد المدارس

أولاد المدارس
بقلم: د. يونان لبيب رزق
نشر فى الأهرام الخميس 9 يونيو 1994م - 29 ذو الحجة 1414هـ

اقترن ظهور "المدارس الأميرية" في مصر خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر بتأسيس الجيش الوطنى في عصر محمد على، الأمر الذى أضفى على هذه المدارس طابعها العسكرى بكل ما استتبعه من عزوف المصريين عن الانخراط فيها، حتى أن هذا الباشا كثيراً ما كان يرسل التجريدات إلى الريف المصرى للقبض على الصبية النجباء لإلحاقهم بتلك المدارس.
خلال عصر إسماعيل، وعلى أيدى على مبارك، حدث تحول هام في التعليم الحكومى، فاكتسب في جانب منه طابعاً مدنياً، وترتب على ذلك وجود نوعين من المتعلمين.. أصحاب البزة العسكرية والأفندية من أبناء التعليم المدنى.
 وبامتداد الفترة التالية وحتى ثمانينات القرن والتي نافت عن سبعين عاماً اكتسب التعليم في المدارس الأميرية قسماته التي عرف بها..
1) المجانية: فقد كان ديوان المدارس الذى أنشأه محمد على مسئولاً عن أحوال التلامذة منذ إلحاقهم بالمبتديان (التعليم الابتدائى) وحتى تخرجهم من المدارس العليا، وكان التعليم في مجمل تلك المدارس داخلياً، وقد امتدت هذه المسئولية إلى طلاب البعوث العلمية إلى الخارج والتي تعددت ابان تلك السنوات.
2) الخدمة بالحكومة: فقد كان خريجو تلك المدارس الأميرية يلحقون بعد تخرجهم وبشكل تلقائى في سائر الإدارات الحكومية والتي تواكب بناء الجهاز التعليمى مع انشائها وقد روعى في هذا البناء تلبية احتياجاتها.
3) مع مرور الوقت فإن العزوف الذى استقبل به المصريون هذا النوع من التعليم ما لبث أن تحول إلى قبول لينتهى إلى إقبال، وهو تحول نتج عما تبينه المصريون من المكانة الاجتماعية التي حازها خريجوه الذين أصبحوا "حكام البلد" فيما ترويه لنا سيرة أحد أهم هؤلاء وهو على باشا مبارك.
***
كانت تلك هي قسمات صورة "أولاد المدارس" عندما وقعت الباد تحت الهيمنة البريطانية عام 1882، وكان متصوراً أن تطول سياسات سلطات الاحتلال أي شيء إلا شئون "نظارة المعارف"، ولم يكون لهذا التصور أساس من الواقع.
وليس أفضل هنا من لغة الأرقام، فقد كانت ميزانية التعليم حتى سنة الاحتلال نحو مئة ألف جنيه (99977 على وجه التحديد) انخفضت عام 1885 لتصبح 84689 جنيهاً وزاد انخفاضها في العام التالى لتصبح 68492 جنيهاً.
صحب هذا بالضرورة انخفاض في أعداد "أولاد المدارس" من 4365 عام 1883 إلى 1852 عام 1885 أي بما يزيد على النصف.
وكان من المتوقع مع هذا أن تفرض قضية هؤلاء نفسها على الرأي العام وأن يكون الأهرام في طليعة المعبرين عن هذا الرأي.
يبدو ذلك من الطريقة التعسفية التي اتبعتها السلطات في التخلص من "أولاد المدارس" أو في التضييق في معايشهم، على حد تعبير صحافة العصر.
التخلص تم من خلال التوسع في رفت هؤلاء، ونترك للأهرام رواية هذا الجانب من القصة..
في يوم 29 يوليو عام 1885 نشرت الجريدة الخبر التالى الذى ننقله بنصه.. "قررت نظارة المعارف رفت نحو 500 تلميذ من مدارسها فساء هذا القرار الجميع، وقد اجتمع أمس بساحة عابدين نحو 100 تلميذ ورفعوا إلى الجناب العالى عرائض التمسوا فيها الرفق بهم لأنهم صرفوا السنين الطوال في المدارس ومن لم يتموا علومهم بعد فرفتهم يميت مستقبلهم أما سمو الخديو فاستقدم إليه حضرات النظار وسلمهم العرائض وسألهم أن يتفاوضوا بهذا الشأن"، فيما يمكن أن نصفه بمظاهرة عابدين(!)
وإن كانت من أولاد المدارس هذه المرة!
الرد على المظاهرة سجله الأهرام بعد يومين بأن الخديو قد أمر ناظر المعارف "أن يرفق بحالة التلامذة ولا يرفت منهم إلا الذين يتبين أن ليس عندهم استعداد للتقدم". ومع ما يتضح من هذا الرد من أن الحكومة لم تفعل شيئاً حيال سياسة تقررت من جانب السلطات الاحتلالية فإن الأهرام لم ينس في هذه المناسبة أن يقدم للخديو "مزيد الشكر مقابل ملازمة التفاته للمعارف"!
ولم تتوقف سياسة الرفت بعد ذلك الأمر الذى نتبينه سواء من أخبار مكاتبى الأهرام في الأقاليم، وكان منها ما أرسله مكاتبه في أسيوط ونشر يوم 18 أغسطس من أن "عموم الأهالى متكدرون من رفت بعض التلاميذ من المدرسة الميرية". أو من تعليقات مدير الجريدة الذى كتب في احداها بأن تخفيض ميزانية المعارف من مائة جنيه إلى سبعين، يدعوا إلى التوقف عن التنديد بالمسئولين في النظارة على رأسهم أرتين بك وكيلها "والنظر فيما إذا كان الرفت جارياً على نمط عادل أو جائر"!
"التضييق في معايش أولاد المدارس" كان النتيجة الثانية من نتائج سياسات الاحتلال التعليمية، وهو تضييق امتد من أكبر هؤلاء الأولاد.. طلاب البعثات في الخارج، إلى أصغرهم من تلاميذ المكاتب (الكتاتيب) الحكومية.
أهم البعثات (الارساليات) المصرية في الخارج كانت "ارسالية باريز" والتي ساق الأهرام الخبر التالى عنها يوم 17 أغسطس عام 1885: "يقال أن الحكومة السنية عولت على أن تمنع صرف الإسعاف الذى كانت تخصصه لتعليم بعض الشبان المصريين في باريز وتستبدله بمبلغ أقل لتنفقه في سبيل تعليم هؤلاء الشبان في عواصم أخرى من أوربا" وبعد أن ساقت الصحيفة الخبر أعربت عن أملها ألا يكون "قرين الصحة"!
ويبدو أن نشر هذا الخبر قد سبب لغطاً واسعاً الأمر الذى دعا الحكومة إلى إصدار بيان تخفف فيه من وطأته..
نفت نظارة المعارف أولاً أن هناك نية على إلغاء "إرسالية باريز" بل قررت زياداتها ولكن مع تحفيض النفقات بنحو 67 ألف فرنك سنوياً. أما كيفية هذا التحفيض فيما شرحته النظارة بالاستغناء عن النائب عنها في العاصمة الفرنسية والذى كان يتقاضى ما يوازى هذا المبلغ!
في نفس الوقت أعلن رئيس النظار أن المبلغ المخصص للطالب وقدره 2500 فرنسك سوف يرسل مباشرة إليه "بواسطة رئيس المدرسة الموجود فيها وأنه لا يسوغ إرسال أولاد الأغنياء على حساب الحكومة بل أولاد الفقراء الذين برهنوا على نجابة وهمة"!
ووصل التضييق في المعايش إلى أضعف فئات "أولاد المدارس" من تلاميذ مدارس الأرياف فيما نقرأه في هذا الخبر الطريف الذى بعث به مراسل الأهرام في العاصمة ونشر يوم 24 أغسطس 1885" وجاء فيه:
بلغنى أن نظارة المعارف قررت رعاية لأسباب الاقتصاد أن تلغى البدل الرسمية التي يتشح بها التلاميذ في مدارس الأرياف وأن يلبسوا من الآن فصاعداً الملابس المصرية الدارجة (الجلاليب)".
الأطرف من الخبر تعليق المراسل بأن هذا القرار فوق ما ينتج عنه من الاقتصاد فإنه يؤدى إلى أن "التلميذ لا يلتزم إلى تغيير الزى الذى تعود عليه في بيت أبيه من نعومة أظفاره"!
وبينما كان التضييق في معايش أولاد المدارس" مقبولاً من هؤلاء أو من أولاء أمورهم فإن الرفت من المدارس الأميرية كان فوق طاقتهم وهو ما أخذوا يبحثون عن حل لمواجهته.. ووجدوها.
***
الحل الذى تقدم به المصريون بالتوقف عن الاعتماد على التعليم الأميرى وأن يكون لهم تعليمهم، فيما عرف في تلك السنوات بالتعليم الأهلى وهو نوع من التعليم عرفته مصر منذ وقت طويل ولكن بشكل مختلف فقبل ظهور الدولة الحديثة كان التعليم كله "أهلياً" يعتمد على الأوقاف في معاهده الكبيرة وعلى المنح الصغيرة التي يحصل عليها مشايخ الكتاتيب في الريف، ومصدر الاختلاف هنا أن ذلك النوع من التعليم كان دينياً بالأساس.
الأمر المختلف هذه المرة أن التعليم الأهلى قد دخل على النوع الجديد من التعليم، التعليم المدنى، الذى أنشأته الدولة واستمرت مسئولة عن جانبه الأكبر حتى ذلك الوقت.
وبينما كان قد شهد العقد السابق، عقد السبعينات انتشار المدارس الأجنبية ومدارس الإرساليات وإقبال أعداد من المصريين على الالتحاق بها، خاصة المدارس الفرنسية والأمريكية، بيد أن هذا الصنف من المدارس رغم عنايته الواضحة باللغات فإنه لم يلتزم بنظام المدارس الأميرية ومع أن الحكومة المصرية قد أصدرت قانوناً عام 1872 يلزم هذه المدارس بالحصول على رخصة لمزاولة عملها إلا أنها "محتمية بنظام الامتيازات" لم تلق بالا لهذا القانون.
الصورة اختلفت خلال عام 1885، 1886 فيما يكشف عنه الأهرام الذى حفلت صفحاته بأخبار افتاح المدارس الجديدة وفى كل بقعة من مصر.
* أول ما يفت النظر في تلك المدارس لم ينكروا في أي وقت أنهم أقاموها لمواجهة مشكلة "أولاد المدارس" المهددين بأن يتحولوا إلى "أولاد الشوارع"!
مراسل الصحيفة في طنطا يقول في خبر له ظهر في أهرام 22 يوليو عام 1885 عن افتتاح مدرسة "الفوز التوفيقى" بأن أمر نظارة المعارف برفت تلامذة تجهيزية طنطا ومن يرفت من مبتديانها اقترن بتحويلهم إلى المدرسة الجديدة "ليتموا بها علومهم حيث تحقق كمال نجاحهم وبلوغ أسمى درجات التقدم والفلاح"!
وفى إعلان عن افتتاح مدرسة التوفيق الخيرى ف 8 أكتوبر من نفس السنة تنهيه إدارة المدرسة بقولها أنها "تقبل التلامذة من المبتدين والمتعلمين من كل الأديان ولا سيما المرفوتون من مدارس الحكومة الذين إذا دخلوا هذه المدرسة يكونوا من الكاسبين"!
* يثير الاهتمام ثانياً تنوع الشخصيات التي ساهمت في عملية تأسيس تلك المدارس.
من ةهذه الشخصيات من يمكن اعتبارهم من أصحاب المشاريع مثل إبراهيم أفندى نظمى مدير مدارس الفوز التوفيقى، فقد تبرع الرجل في الدعاية لمدارسه. فمرة يستكتب أولياء الأمور "عروضات تشكر" تنشرها الصحف، ومرة أخرى يستصدر أمراً من نظارة المعارف بأخذ جميع تلامذة المدارس المرفوتين في طنطا. وثالية يجرى امتحان القبول للمدرسة بحضور "سعادة المدير وحضره وكيله وأكثر خدمة المديرية وحضرات قضاة المحكمة الأهلية وجملة من ذوات وأعيان وتجار البندر"، ولم يكن ثمة غرابة مع كل هذا أن ينجح وفى وقت قصير نسبياً أن يفتح لمدرسته فرعاً في بنها.
منها من لم تكن له أية صلة بالعمل التعليمى ومع ذلك اهتبلوا الفرصة وأقاموا مدرسة هنا وهناك، خاصة في الأقاليم..
نموذج على ذلك ما قام به "وكيل بوسطة منوف" مع آخر من تأسيس مدرسة "تعليم العربي والافرنسية بفروعها والتاريخ والجغرافيا ونحوهما.. والجميع يثنون على مؤسس المدرسة أحسن الثناء"!
نوع آخر من المدارس اتخذ طابع المشروع الأسرى فيما تمثل في المدرسة التي أقامها جناب الوجهاء الخواجات عبد الملك وأخته ببندر جرجا"!
* يشهد الاهتمام ثالثاً هذا الانتشار الهائل لتأسيس ذلك النوع من المدارس ويرصد الأهرام فضلاً عن مدارس القاهرة جملة مدارس في الوجه البحرى، في طنطا وبنها وشبين الكوم ومنوف، وجملة أخرى في الوجه القبلى، في جرجا وسوهاج وسنورس بالفيوم، ويصف الاحتفالات التي كانت تقام بمناسبة افتتاح تلك المدارس.
* يلفت النظر رابعاً أنه في مجال المنافسة بين تلك المدارس فإنها قد تبارت في تقديم الخدمات من خلال التميز في طبيعة المقررات أو نوعية الأساتذة فيما استمرت تسجله الإعلانات أو الأخبار التي كان ينشرها الأهرام.
مدرسة في بنها تعلن عن اختيارها "لأساتذة خبيرين منهم حضرة النبيه ديمترى أفندى صليبى معلم اللغة الفرنسية وعلم التاريخ"!
مدرسة في سنورس بالفيوم تعلن أن برامجها تتضمن دروساً "في اللغة العربية الشريفة قواعدها الصرفية والنحوية واللغة الإنكليزية وعلم الحساب والجغرافيا وغيرها"!
ويبرز في هذا الصدد الإعلان الطويل الذى نشره الأهرام في 9 أكتوبر عام 1885 عن "مدرسة ساكنة الجنان والدة المرحوم عباس باشا" وبعد أن أطنب الإعلان في وصف المواد التي تقوم المدرسة بتعليمها.. "اللغات العربية، الافرنسية والإنكليزية والتركية وفروعها والنحو والصرف والعلوم الرياضية كالهندسة وفروعها وكذلك في الرسم والخط بأنواعه والجغرافية والتاريخ وأصول الترجمة".. بعد ذلك انتهى إلى القول "إن هذه المدرسة تفضل على المدارس الأجنبية إذ بها التلميذ فيها ما يبلغ في تلك مع وجوده في وطنه بين أهليه وأقاربه".
* ويشيد الانتباه أخيراً المحاولة الحكومية الشاحبة للتدخل في شئون تلك المدارس بالقرار الذى أصرته نظارة المعارف بأن يكون نصف العدد الموجود بكل مدرسة من تلامذة المدارس الأهلية بمصروفات والنصف الآخر مجاناً للفقراء".
وهو القرار الذى نعتقد أنه قد سعى إلى إرضاء الفقراء المرفوتين من المدارس الأميرية أكثر مما كان مطلوباً تطبيقه بالفعل اللهم إلا من جانب المدارس الأهلية التي أقامتها الجمعيات الخيرية، وكانت عديدة!
***
من كان له حظ البقاء من أولاد المدارس في التعليم الحكومى استمروا محل عناية ظاهرة يكشف الأهرام عن بعض جوانبها، وهى عناية لابد وأن تكون محل اندهاش بالقياس لما أصبح تفتقده الأجيال التالية من مثل تلك العناية.
ففي شهرى مايو وأغسطس من كل عام كانت تجرى احتفالات لأولاد المدارس ولمناسبات تبدو غريبة الآن.. في مايو كانت تقام الاحتفالات بمناسبة "الامتحان العمومى" وفى أغسطس كانت تقام الاحتفالات بمناسبة "امتحان الفحص"، أو ما نسميه الآن امتحانات قبول!
من النماذج العديدة التي قدمها الأهرام عن "الامتحان العمومى" ننقل هنا ما جاء في عدد 23 مايو عام 1885 تحت عنوان "احتفال مدرسة دمنهور الأميرية بامتحان تلامذتها السنوي" وقد جاء فيه بالحرف الواحد:
"فى صبيحة يوم الأربعاء 20 مايو ازدحمت أقدام الوفود في فسحة المدرسة من أعيان وأهالى بندر دمنهور يتقدمهم صاحب السعادة محرز بك مدير البحيرة وقاضى افندى المديرية وعلماء دمنهور الأعلام والمشايخ ومستخدمو الحكومة الكرام وكان حضرة الأديب الألمعى محمود أفندى رشاد مندوباً من قبل نظارة المعارف لأجل هذا الامتحان.. ثم أخذ الأساتذة يمتحنون التلامذة باللغات العربية والفرنسية والتركية فكانوا يجيبون بما يلقى عليهم بكل فصاحة.. وبعدما تم الامتحان في اللغات والحساب والجبر والهندسة والجغرافية والصرف والنحو ألقيت فصول مختلفة تخللها محاورات أدبية وعلمية ومواعظ حكمية باللغتين العربية والفرنساوية".
ولا ينهى مكاتب الأهرام وصفه للاحتفال دون أن يسجل ما أسفر عنه من كشف عن "نجابة التلامذة" ودون أن يشير إلى مائدة الطعام التي أعدت للمدعوين "فأكلوا هنيئاً مريئاً وانصرفوا يرددون عبارات الثناء لحضرة ناظر المدرسة"!
نموذج امتحانات القبول قدمه الأهرام من المدرسة العمومية بزفتى والتي حضر إليها صبيحة 16 أغسطس "سعادتلو مدير الدقهلية وحضرات أعيان زفتى وميت غمر وكثيرون من موظفي الحكومة السنية ودار الفحص على اللغات العربية والفرنساوية والإنكليزية"، وينتهى الامتحان بتمثيل رواية موضوعها "تخصيص الأب أحد أولاده يولد الحسد بين الأخوة"!
هذه العناية الظاهرة انصرفت أيضاً إلى المدارس العليا خاصة "المدرسة الطبية بقصر العينى" التي احتلت أخباراها مساحات واسعة من الأهرام..
من تلك الأخبار نعرف أن الالتحاق بهذه المدرسة كان يقتضى امتحاناً لمن أتم دروس المدرسة التجهيزية (الثانوية) بعد أن يدفع مصروفاتها البالغة 600 قرش!
منها أن الاحتفال بامتحان تلامذة هذه المدرسة كان يتم بحضور كبراء رجال الدولة عل رأسهم الخديو نفسه الأمر الذى كان يتحول معه هذا الامتحان إلى مناسبة قومية لأولاد المدارس حتى أن الأهرام كان يستهل وصفها بقوله: "احتفلت مصرنا اليوم بامتحان تلامذة مدرستها الطبية بقصر العينى"..
وكان يسبق في الحضور "المدعوون من أمراء القوم وأفاضل القاهرة وأعيانها وكبارها وسعادتلو النطاسى الفاضل الدكتور عيسى باشا حمدى رئيسها وحضرات خوجاتها يقابلون الوفود بالترحيب".
ولدى وصول توفيق "صدحت الموسيقى بالسلام الخديو وصرح التلامذة ثلاثأ فليعش أفندينا" ليبداً بعد ذلك الامتحان أولاً في الأمراض الباطنية والطب الشرعى ثم الاقرباذين والكيمياء!
ويستمر الامتحان حتى الظهر ليتفقد بعدها الخديو قاعات المدرسة "ويشر بنظره الكريم الأدوات والآلات الطبية التي أحكم وضعها" ثم يبارح المكان بعد ذلك مصحوباً "بآية الشكر والامتنان لعنايته الكبرى الى فتح المدارس وتعميم الفوائد ونشر المعارف الآداب في أنحاء القطر من اقصائه إلى اقصائه"، وكان هذا قليلاً من كثير تكتبه الجريدة في هذه المناسبة التي استمرت تتكرر كل عام هي وغيرها، على الأقل خلال عقد الثمانينات من القرن الماضى، الذى ما فتئنا نتجول في أرجائه على صفحات الأهرام!

صورة من المقال: