ads

Bookmark and Share

الأحد، 30 يونيو 2019

045 تجارة البرين

تجارة البرين
بقلم: د. يونان لبيب رزق
نشر فى الأهرام الخميس 2 يونيو 1994م - 22 ذو الحجة 1414هـ

"العلاقات الخاصة" بين بر مصر وبر السودان صنعها البشر قبل الطبيعة، وكانت التجارة أهم جسور هذه العلاقة للقاطنين على البرين.
ويؤكد من أهمية هذا الجسر أنه بغض النظر عن طبيعة العلاقات السياسية المصرية السودانية، فإن الاتصالات التجارية بين الجانبين قد تجاوزت تلك العلاقات مهما كانت الفروق بين النظامين الحاكمين على هذا البر أو على البر الآخر!
صنع هذه الأهمية مجموعة من الاعتبارات:
أن المنفذ الشمالى استمر اهم طرق التجارة السودانية، وبينما كانت تصل إلى مصر كل عام قافلة من الشرق، هي قافلة الشام، وأخرى من الغرب، هي قافلة المغرب، فإن السودان استمر يبعث بقافلتين سنوياً. قافلة سنار التي كانت تصل إلى أعالى الصعيد، وادى حلفا وأسوان، وأخرى تصل إلى الصعيد الأوسط إل أسيوط قادمة من دارفور عن طريق درب الأربعين.
ويلفت النظر هنا أن قوافل السودان لم تكن توفى فقط بالاحتياجات المصرية بل أن جانباً منها كان يتم تصديره عبر موانى الشمال.. إلى عالم البحر المتوسط خاصة الصمغ وريش النعام وسن الفيل.
* أن مصر قد استمرت تحصل على احتياجاتها من الدواب، الابل والأبقار والأغنام من الجنوب وقد وصلت أعداد الابل التي أتت في قافلة دارفور عام 1800 إلى 24 ألف بعير، عاد منها إلى السودان أربعة آلاف، أما البقية فقد تم بيعها في أسواق أسيوط بعد أن بيعت حمولاتها!
ويقول اسكايراك Escayrac، أحد الرحالة الفرنسيين الذين تتبعوا تجارة درب الأربعين في منتصف القرن التاسع عشر، أن الفلاحين المصريين كانوا يستقبلون وصول القافلة السودانية بحفاوة بالغة لما توفر لهم من دواب بأسعار معقولة.
* بالمقابل استمر السودان يحصل على جانب من احتياجاته من الحبوب الغذائية، خاصة الذرة، من مصر، فضلاً عن أنواع معينة من الأقمشة خاصة من انتاج أسيوط واسنا. ولقد وصل الأمر إلى أن تخصصت مراكز بعينها، مثل نقادة في أسيوط، في انتاج أنواع من الثياب لا تستخدم إلا في السودان.
* استتبع هذا أن تشكلت جماعات من أصحاب المصالح على البرين من المنتفعين بالتجارة، سواء من رجال القوافل السودانيين، أو من التجار المصريين الذين يشترون أو يبيعوا لهؤلاء، أو من تجار التصدير وكانوا من المصريين والأجانب، أو من ملاك الأراضى الفلاحين الذين اعتمدوا في جانب أساسى من حياتهم على التجارة بين البرين.
ننقل عن مكاتب الأهرام العموم في أسيوط والوجه القبلى في 24 أغسطس عام 1885 صورة لما أصاب تلك البلاد من "سد أبواب تجارة السودان التي هي حياة الوجه القبلى خصوصاً أسيوط" من كساد وصل الأمر بهم معه إلى "تأخير عظيم بالأموال الأميرية"!
لعل هذه الرسالة الأهرامية تدعوا إلى أن نبدأ القصة من أولها.. قصة أصحاب تجارة البرين خلال الفترة بين عامي 1884 و 1887 وموقف المصريين من هذا المصاب!
"الانجليز أمة من أصحاب الحوانيت". عبارة شهيرة أطلقها نابليون، غير أن هذه العبارة تبقى ناقصة إن لم نضف إليها أنهم في سياستهم لا يرعون سوى حوانيتهم بغض النظر عن حوانيت الآخرين!
يدل على ذلك القرار الذى اتخذته حكومة لندن في أوائل 1884 بإخلاء السودان من المصريين، فهذا القرار ربما يكون قد اتخذ لأسباب سياسية أو عسكرية أو حتى مالية، بيد أنه يقيناً لم تراعى فيه المصالح الاقتصادية لأصحاب الحوانيت عل البرين، المصرى والسودانى.
أدرك الأهرام هذه الحقيقة منذ وقت مبكر في أعقاب أن تقررت سياسة الإخلاء، حين نبه في عدده الصادر يوم 18 يناير عام 1884 إلى ما سيتسبب عنها من "خسائر ذات بال للتجار المتعاملين مع تلك الأصقاع من أجانب ووطنيين.. ومن حرمان ألوف من الناس كانوا يستوردون معايشهم ف الاتجار والتردد ف مسالك السودان".
غير أن أحداً من المسئولين البريطانيين في القاهرة أو في لندن لم يصغ إلى الأهرام أو غيره من الذين أدركوا خطورة سياسة الإخلاء. وسار هؤلاء المسئولون قدماً في تنفيذها.
ولا شك أن الاحداث الكبيرة التي تتابعت حت انتهت بسقوط الخرطوم في أيدى الأنصار في 26 يناير عام 1885 وما تقرر بعدها من تحصن القوة العسكرية عند وادى حلفا قد بدا معها أن لا مناص من توقف التجارة بين البرين.
جانب من هذا التوقف صدر عن حالة المواجهة التي سادت في أعقاب قيام الدولة المهدية، وما صاحب هذه الحالة من تهديدات مهدية بغزو "الأقاليم البحرية"، كما كان محمد أحمد المهدى وخليفته عبد الله التعايشى يسمون "مصر" الأمر الذى جعل القوة العسكرية الموجودة في وادى حلفا في حالة تأهب مستمر، وفى مثل هذه الظروف كان متوقعاً ألا تعود التجارة إلى حالتها الطبيعية.
الجانب الآخر صادر عن قناعة سياسية في دوائر لندن مؤداها أن إعادة العلاقات التجارية مع السودان سيؤدى إلى تقوية شوكة "القبائب الثائرة". على حد تعبير الصحف المصرية التي استمرت تنظر وقتئذ إلى الصورة السودانية باعتبارها تمرد به مجموعة من القبائل.
عبر الأهرام عن هذا الرأي بأن البعض قد ارتأى "بأن اقفال أبواب التجارة في سبيل منافع السودانيين والتضييق عليهم مما ربما يلجئهم إلى الطاعة والتقرب إلى الحكومة اضطراراَ"!
جانب آخر سببه عدم القدرة على كفالة الأمن للتجار المصريين المتوجهين إلى السودان فيما تعلل به المسئولون العسكريون على رأسهم الجنرال تشارلز ستيفنسون Stephenson، قائد القوة المصرية المتمركزة على الحدود.
يقودنا ذلك إلى الجانب الأخير الصادر عن اعتبارات عسكرية محضة، خاصة ما اتصل منها بتهريب السلاح إلى الجنوب مما يقوى "الدراويش" ويزيد من مخاطرهم، وهى اعتبارات شرحها الأهرام بالتفصيل ف عدده الصادر في 8 نوفمبر عام 1886.. جاء فيه لسان مكاتبه فى العاصمة:
"أهم الأسباب الباعثة على عدم قبول الحكومة بفتح أبواب التجارة بين مصر والسودان إنما هو بعض أطماع التجارة الدنيئة التي تكون في الغالب السبب الأكبر لازدياد أضرار الثورة لم يقتصر هؤلاء التجار على مبيع المأكولات وبضائع المانيفاتورة فقط بل استعملوا هذه البضائع ذريعة لبيع الأسلحة والذخائر وكانوا إذا صرح لأحدهم ببضاعته إلى داخل البلاد ملأها من الأسلحة والذخائر ما يناله من الأرباح غير مبال بالضرر"!
ولما كانت سلطات الاحتلال البريطانية قد أخذت على عاتقها بناء الجيش المصرى الجديد وهيمنت عل قياداته فإنها قررت في نفس الوقت أن تكون صاحبة الرأي في اباحة "تجارة البرين" أو منعها، من ثم فإن الموضع كان محل مشاورات عديدة بين الجنرال ستيفنسون والمعتمد البريطاني في القاهرة ووزارة الخارجية في لندن، ومع أنه رؤى أن يترك تقدير الأمر للجنرال غير أن الحجج الداعية إلى الاباحة ظلت تكسب كل يوم أرضاً جديدة.
تقليب صفحات الأهرام يؤكد على أنه قد تبنى الدعوة "تجارة البرين" المصرى والسودانى إلى مجراها الطبيعى، وساق في هذا الصدد حججاً عديدة.
فقد روجت الصحيفة للرأي بأن منع هذه التجارة بينما ينصرف أثره عل التجار الشرعيين فهو لا يصيب المهربين بأى أذى، بالعكس فإن تجريم التجارة الشرعية يؤدى في النهاية إلى ازدهار تجارة التهريب التي لا سبيل إلى منعها(!)
يشير الاهرام في أحد أعداد شهر يوليو عام 1886 إلى حديث أجراه مع "أحد رجال السودان القادمين منها أخيراً" فينسب إليه قوله أن القبائل التي تقوم بالتهريب "لا تبالى بقفل أبواب التجارة أو فتحها لأن بينهم من التجار الذين لهم معاملة مع مصر أناساً لا يؤخرون عنهم كل ما يحتاجون ولو توصلت الحكومة ببناء سور من حديد فضلاً عن العساكر لما أمكنها مطلقاً ضبط سكك السودان العديدة وصحرائها الواسعة"!
حجة أخرى قدمتها الصحيفة على صورة جملة من الأخبار يستفاد منها أن الدولة المهدية أضحت في حالة من الضعف والتفكك إلى الحد الذى لا تستطيع معه أن تتحكم في السودانيين الراغبين في الاتجار مع مصر، فيما عبرت عنه بقولها أن "اقسام آراء السودانيين وعدم انقيادهم لرأى رئيس واحد هو من جملة الأمور التي تحمد نتائجها"(!) وخلصت من ذلك إلى القول أن التخلي عن هؤلاء انما يقوى بينهم روح العداء للحكومة.
التبشير بضعف الدولة المهدية تضمنته أخبار عديدة بعضها بلغ حد الشائعة، فيما استمر ينشره الأهرام لأيام عديدة عن خبر جاءه بوفاة الخليفة عبد الله التعايشى، والبعض الآخر سعى إلى الطمأنة بأنه لم يعد ثمة خوف من "تهجم الدراويش وأن هذه المسألة قد انحسمت حربياً"، ووصلت هذه الطمأنة إلى مداها في مقال طويل في الأهرام الصادر يوم 22 ديسمبر عام 1886 تحت عنوان "فتح التجارة مع السودان" جاء فيه:
"اتضح أن تلك الثورة لم تعد غير بقية اثر بعد عين وأن أولئك الدراويش الذين دفعهم الغرور للتقدم إل جهات واد حلفا وغيرها من البلاد القريبة لهم ضعفهم فانقلبوا راجعين إلى الوراء فقصدنا أن نراجع الحكومة على أمل أن تكون قد زالت الموانع دون افتتاح أبواب التجارة ويؤذن للتجار أن يدخلوا بضائعهم إلى السودان ويعاودوا معاملاتهم التجارية معها".
حذر الأهرام أيضاً من أضرار السلطات العسكرية على منع تجارة البرين يمكن أن يؤدى في النهاية إلى انصراف السودانيين إلى منافذ أخرى لتجارتهم.. خاصة إلى الشرق نحو مصوع التي سقطت في أيدى الايطاليين، وأن حكومة روما "رأت ذلك من أبوابها ففتحتها لهم واستمالت تجارتهم إليها فكان ذلك خسارة على مصر وانكلترا".
غير أن أهم ما ركز عليه أصحاب الحجج الداعية إلى إعادة التجارة بين مصر والسودان كان الآثار الإيجابية التي يمكن أن تترتب على تلك الإعادة..
من هذه الآثار "استتبات الأمن والمسالمة" على حد تعبير الأهرام، وهو الأمر الذى فصلته الجريدة في أكثر من عدد من أعدادها..
في العدد الصادر يوم 31 مايو عام 1886 تقول الجريدة "أن كثيرين من القبائل لا يزالون مصافين لمصر فيكون قطع سلبها عليهم مما يضر بهم ولا سيما المجاور منهم للحدود كقبيلة الكبابيش التي ساءها ذلك وطلبت من مصر أن تسلفها أرضاً لتعيش وإلا ماتت من الجوع إذا لم تنضم إلى المهدى".
وانتقلت الصحيفة إلى التدليل على أثر إعادة التجارة على دعم "القبائل المصافية" الى التنبيه إلى أثر ربط الناس بالمصالح على دفاعهم عنها فيما خصصت له مقالاً في عددها الصادر يوم 4 أكتوبر من نفس العام جاء فيه أن العلاقات المالية بين الأمم "تكون في الغالب السبب الأكبر لتشييد عرى المودة والمحافظة على الصوالح الذاتين.. وأن العلاقات التجارية بين البلدين انما يكون السبب الأقوى لإخماد نار الثورة والمحافظة على السلام إذ أن السودانيين يخشون والحالة هذه أن تكون الحركة سبباً لتعطيل تجارتهم وفقدان أموالهم... وأن الانسان يحافظ على منفعته محافظته على نفسه وحياته"!
ولم يمض وقت طويل حتى أخذت هذه الحملة تطرح ثمارها خاصة مع ملاحظة أنها لم تكن مجرد حملة صحفية بقدر ما كانت تعبر عن مجموعة من أصحاب المصالح الذين تضرروا بشدة من انقطاع التجارة بين البرين!
***
في 22 مايو عام 1886 استقدم الجنرال ستيفنسون إلى مقره "التجار ذوى العلاقات التجارية مع السودان" وأبلغهم أن حكومة لندن قررت بعد استشارته أن لا مانع من إعادة المواصلات التجارية مع السودان كما كانت من قبل المنع ولكن على مسئولية التجار بحيث أن السلطة العسكرية الإنكليزية والمصرية لا تكونان مسئولتين بأمر"!
غير أن الأمر فيما يبدو لم يكن بهذه السهولة فالواضح أن الظرف القائم على البر السودانى قد تشكك في بواعث القرار، حتى أنه قبل أقل من شهر عدلت حكومة القاهرة عن موقفها وارتأت "توقيف فتح أبواب التجارة بالنظر إلى ما شاع من ثورة الثائرين وتهدداتهم وعزمهم على مضادة هذا المشروع"!
دعا ذلك القائد العسكرى البريطاني على الحدود أن يستدعى نفس المجموعة من التجار يوم 16 يونيه ليعرب عن أسفه من فشل المشروع ويستمهلهم "الأول فرصة تتحسن فيها أحوال البلاد"، وكان لهذا النكوص ردود أفعال واسعة..
فقد ارتفعت أصوات شكاوى التجار التي وصلت إلى حد الصيحات لما نتج عن الرجوع في القرار من خسائر مادية فادحة، فقد استجلبوا خلال تلك الفترة ما لا تقل قيمته عن ستمائة ألف جنيه استعداداً لإرسالها إلى البر الآخر.. البر السودانى، ولكن على حد تعبير الأهرام "قضى الأمر وحصرت البضاعة كلها فرجع التجار بخفى حنين يندبون سوء الطالع ولا يدرون ما يعملون فخزنوا هذه البضائع في محلات تحفظها من العطب وأقاموا عليها حراساً يحرسونها من اللصوص واستخدموا لها كتاباً يراجعون حسابات الفوائض الشهرية التي لم ترد من أوربا علاوة على أثمانها ولجأ بعضهم إلى بنوكه (مصارف) تدفع لهم أثمان تلك البضاعة بالاستحقاق (بالدين) وبعضهم إلى مصوغات نسائهم وفرش بيوتهم خوفاً من بلاء عظيم ولبث الجميع ينتظرون الفرج"!، ولا نرى أفضل من هذه الصورة القلمية تعبيراً عن الصيحات، وهى صيحات لم تقتصر على تجارة البر المصرى.
من على الجانب الآخر جاءت الأخبار بأن التجار السودانيين بدورهم أخذوا في القدوم إلى الحدود راغبين الدخول إلى مصر..
أحد هذه الأخبار عن قافلة تحمل بضائع سودانية وصلت إلى وادى حلفا يوم 19 يوليو عام 1886 الأمر الذى دفع المسئول المصرى في المنطقة أن يرسل إلى القاهرة يطلب لها الإذن بالدخول مبيناً "الفوائد التي تنجم عن ذلك"!
خبر آخر أن تجار كردفان ودارفور، والذين كانوا معنيين أساساً بقافلة درب الأربعين قد بعثوا برسل إلى واحة سليمى ليتأكدوا ما إذا "كانت الحكومة المصرية مصممة على فتح الطرق لسير التجارة بين مصر والسودان" وتبدو أهمية هذا الخبر من أن سكان تلك المناطق كانوا من أشد المناصرين للدولة المهدية.
والملاحظ أن شهوراً قليلة قد انقضت بين القرار "بتوقيف فتح أبواب التجارة" والقرار برفع هذا التوقيف نهائياً في 19 فبراير عام 1887.
وقد حفلت تلك الشهور بالمفاوضات والاختبارات حتى انتهت بصدور قرار ناظر الداخلية المصرى بعودة تجارة البرين، ولكن بشروط!
كانت قضية احكام الرقابة على تجارة الصادرات من البر المصرى إلى البر السودانى من أهم القضايا التي شغلت السلطات العسكرية خوفاً من "تهريب السلاح" مما يقوى من "شوكة الثائرين" وقد انتهت المفاوضات في هذا الشأن إلى تحديد "نقط أربع هي أسيوط وأصوان وكورسكو ووداى حلفا بحيث أصبح من كل نقطة من هذه النقط طريق إلى السودان لا تعرج على النقطة الأخرى.
ترك السلطات المصرية لمسئوليتها عن كفالة أمن التجار في الأراضى السودانية كان القضية الثانية الأمر الذى بدا في دعوة نظارة الداخلية يوم 29 يناير عام 1887 بعض الكبار من تجار السودان في القاهرة "وأخذت عليهم تعهدات بتصريف بضائعهم على مسئوليتهم الشخصية في الأماكن التي يتأكد فيها وجود الأمن".
ودارت القضية الثالثة حول منع الاتجار في سلع بعينها، فضلاً عن السلاح كان هناك الرقيق الذى كانت قد حرم الاتجار فيه قبل ذلك بعشر سنوات بمقتضى معاهدة كان قد عقدها إسماعيل مع بريطانيا، وقد اشترطت نظارة الداخلية على التجار "مساعدة موظفي قلم الرقيق" وانذرتهم بأن "ما يضبط من الرقيق يطلق سبيله بعد مجازاة المخالفين"!
بعد كل تلك الترتيبات أخذت سلطات الحدود في منح تصريحات محدودة كان منها التصريح الذى حصل عليه اثنان من أشهر "تجار المانيفاتورة في أصوان لأجل مبيع بضائعهم في السودان" في أواخر ديسمبر عام 1886، ويبدو أن الرجلين قد نجحا في مهمتيهما الأمر الذى دعا الحكومة إلى إصدار قرار نهائي بإعادة العلاقات التجارية بين مصر والسودان يوم 18 فبراير عام 1887.
حدد هذا "القرار النهائي" مرور "البضائع الجائز الاتجار فيها" بنقاط وادى حلفا وكورسكو وأصوان ودراو، وخولت لجهات الإدارة العسكرية "ملاحظة وضبط جميع الآلات والذخائر الحربي وأضافتها إلى جانب الميرى"!
نصر القرار أيضاً على أن من "يصير ضبطه من الأرقاء يعتق ويحاكم المتجرون به" كما نص على أن "تسفير البضائع يكون على مسئولية أصحابها، وهى المسئولية التي تمتد إلى "الاستحصال على الجمال اللازمة لبضائعهم وتجهيز جميع معدات النقل".
وكان هذا القرار بمثابة نقطة النهاية لحملة طويلة من التجار والأهرام ولم تملك الصحيفة معها إلا أن تعرب عن أملها أن تكون شروطه مقبولة من التجار وأنه لا ينتج من عودة العلاقات التجارية غير عودة العلاقات الودية والفوائد العامة"!

صورة من المقال: