ads

Bookmark and Share

الأحد، 30 يونيو 2019

042 جبل الزيت

جبل الزيت
بقلم: د. يونان لبيب رزق
نشر فى الأهرام الخميس 12 مايو 1994م - 1 ذو الحجة 1414هـ

صباح يوم 9 أبريل عام 1886 تلقى رئيس النظار المصرى "تلغرافاً" من السويس كان ينتظره منذ وقت طويل.. مضمون هذا "التلغراف" أن زيت البترول قد عثر عليه بوفرة في "جبل الزيت" القريب من جمسة على البحر الأحمر، وأنه قد تم إرسال كمية منه إلى السويس وهى في طريقها إلى العاصمة.
ولم يكن هذا الخبر الذى نشره الأهرام في اليوم التالى خبراً عادياً فقد كان له ما بعده، وكان له ما قبله أيضاً..
فقد ظهر أول تقرير يفيد بوجود البترول في جمسة في عصر إسماعيل في عام 1868 على وجه التعيين، بيد أن الحكومة المصرية، ربما لعدم إدراك بأهمية المادة الجديدة التي لم تكن قد تنوعت استخداماتها حتى ذلك الوقت، وربما لانشغال إسماعيل بوجوه إنفاق أخرى اعتقد أنها أهم وهى التي تراوحت بين بناء المدن وإقامة الإمبراطورية الافريقية ومظاهر البذخ الذى اشتهر به عهد الرجل.. ربما لكل تلك الأسباب لم تتم متابعة هذا الاكتشاف وكان على مصر أن تنتظر عشرين عاماً، وحتى عام 1884 على وجه التحديد.
خلال تلك السنوات كان الأمريكيون خصوصاً قد توسعوا في استخراج البترول بعد انتشار استخدامه في الإضاءة.
ولما كانت فينا عاصمة الإمبراطورية النمسوية مدينة الحفلات الموسيقية وقصور النبلاء أول من عرف الكيروسين في الإضاءة فإن اللمبات التي طورها النمسويون كانت النموذج الأول الذى أخذ به غيرهم ولقى انتشاراً كبيراً، وسعت شعوب أخرى خاصة الأمريكيين إلى تطويرها، وطوروا معها في نفس الوقت وسائل اكتشاف واستخراج البترول بهدف استخدامه أو تصديره، حتى أنه كان يعرف في مصر بالزيت "الأمريكانى".
شجع ذلك الحكومة المصرية على أن تستخدم عام 1884، وبعد الاحتلال البريطاني بعامين، مهندساً بلجيكياً اسمه ديباى Debay للبحث عن البترول عل ساحل البحر الأحمر، وبدأ الرجل العمل في أوائل العام التالى، وفى أواخر فبراير عام 1886 اكتشف شواهد بترولية في منطقة الزيت وبعث بتقرير بذلك إلى الحكومة المصرية هو الذى علم الأهرام به في أوائل أبريل ونشر خبره الأول في يوم 10 من ذلك الشهر.
***
لقى الخبر ردود فعل واسعة كان أظهرها دعوة الخديو لاجتماع لمجلس النظار في قصر عابدين، وفى نفس اليوم، للتداول في مسألة البترول ويقول الأهرام الصادر في اليوم التالى أن "سموه أصدر ارادته السنية بوجوب النظر في هذه المسألة لما يترتب عليها من الفائدة للخزينة والبلاد".
بعد يومين وفى 13 أبريل اجتمع نوبار باشا مع المستر كولن سكوت مونكريف وكيل وزارة الأشغال "وتداولا ملياً في المسألة وقررا ما ينبغي اجراؤه لتسهيل نجاح المشروع".
في نفس اليوم اجتمع مجلس النظار واتخذ مجموعة من القرارات:
1) أن تقيم الحكومة خزاناً "ديبوزيتو" في السويس تشجيعاً لأرباب المال ليتقدموا إلى تفحصه.
2) ارسال من 300 إلى 400 نفر من سجناء طرة المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة "ليشتغلوا هنالك، على أنه لما كان هذا العدد يستلزم عدداً من الخفراء، عديداً لو نصبت لهم الخيام اللازمة براً فقد تقرر أن يعين لمقامتهم مركب يرسو بقرب نقطة العمل فينتج عن ذلك وفر ليس بوجيز".
3) ارسال أحد الخبراء العاملين بوزارة الأشغال وهو الدكتور كروكشوند إلى جبل الزيت ليتفحص نقطة العمل ويرى فيه أفضل الطرق الكافلة قلة المصاريف والضامنة التحوطات اللازمة على السجناء.
4) الإعلان عن الاستعداد لتوريد كل ما يلزم من الزيت المكتشف لكل من يطلبه بعد أن ارتفع الإنتاج إلى 150 متراً مكعباً كل 24 ساعة وعلى "من شاء أن يمحص الزيت أن يبعث بطلبه إلى نظارة الأشغال"!
5) أخيراً قررت الحكومة إرسال عينات من زيت البترول المكتشف إلى معامل أوروبا الكيماوية بغية تحليله ومعرفة حقيقة نوعه.
وبعد أن ساق الأهرام أخبار كل تلك القرارات قدم تحقيقاً طويلاً حول اكتشاف المعدن الجديد واحتمالاته المستقبلية مفعماً بالتفاؤل، وهو تفاؤل مازال يلازم التحقيقات الصحفية عن الاكتشافات البترولية حتى يومنا هذا..
استهلت الجريدة تحقيقها بأن ربطت ما ارتأته من أن أمريكا "من أعظم البلدان والممالك ثروة ونجاحاً" وبين ما تبذله حكومتها من عناية في زياد ثروة البلاد التي نوهت بأن أعظم أسبابها المعادن.
انتقلت من ذلك إلى تقديم البشارة بأن الحظ قد "قسم لنا أن وجد في أرضنا المصرية معدن البترول وأثبتت الأخبار الأخيرة أنه غزيز المادة وافر البركة".
ذهب الأهرام بعد ذلك إلى تقريع من سبق لهم التنديد بالحكومة حين قررت تخصيص مبلغ "لدراسة هذه المسألة وتفحصها وسرنا أنها ظلت سائرة في خطتها غير مصغية إلى أقوال المرجفين فنجحت تبعاً لقول القائل كل من سار على الدرب وصل"!
بيد أن أهم ما جاء في هذا التحقيق كان تلك الرابطة التي قرن من خلالها الأهرام بين اكتشاف معدن البترول وبين حل الأزمة المالية المصرية، فإذا كان العائد من استخراج البترول ترحب به أية دولة في ظروف عادية فليس من شك أن مثل هذا العائد كان يمكن أن يلهب أحلام الناس في بلد تعرض للاحتلال العسكرى من دولة أجنبية بسبب أزمته المالية.
نرى هنا أن ننقل نص كلمات الأهرام في هذا الصدد - قال:
"سرنا أن هذا المعدن المبارك سيأتينا بفوائد جمة من وجوه عديدة إذ لا يخفى ما يستلزمه من العمال فضلاً عما سيناله جمركنا وسككنا الحديدية من الفوائد التي مرجعها كلها إلى خزينتنا وأننا لا نجهل ما هي عليه خزينتنا المصرية من الضنك حتى لا تسر مما ستناله من أموال راهنة إذا صح ما يقدره العارفون من امكان اكتساب مئات الألوف من الجنيهات".
غير أن الربط بين ما ينتظر من عوائد البترول وبين أوضاع مصر المالية جاء في مقال طويل في أول يونيه عام 1886، وكانت الأخبار تترى في ذلك الوقت عن النوايا بإجراء تحقيق دولى جديد في المالية المصرية.
فقد كتب أحد الخبراء أنه مهما اتخذ من اقتصادات وتحوطات فإن ذلك لن يمنع التحقيق، أو كما قال بالحرف الواحد: "إذا صدق ظنى في مسألة البترول كان من المحتمل القريب منع التحقيق المذكور أو تأجيله بواسطة دخله.. وأن المسألة مهمة جداً وبودنا لو تصح الأمانى بها"!
وتهياً الجميع في انتظار الفرج!
***
أهم ما شغل المصريين في جبل الزيت خلال النصف الثانى من عما 1886 كان تطوير الإنتاج والبحث عن طرق استغلاله..
وكان الدور الأمريكي أهم ما يلفت الأنظار في جملة الأخبار التي ساقها الأهرام خلال تلك الشهور..
ففي كتاب وضعه الباحث الأمريكي لينوار تشامبرز رايت تحت عنوان "سياسة الولايات المتحدة الأمريكية إزاء مصر 1830 - 1814" خصص فصلاً لما أسماه الأمريكيون رواداً في حصول البترول المصرية AMERJCANS PIONEERS IN EGYPTIAN OIL FIELDS تناول فيه دور هؤلاء في عمليات الكشف البترولى في تلك الفترة المبكرة من التاريخ المصرى.
وكان مما يثير تساؤل الباحثين ف هذا العمل الأسباب التي جعلت البترول أحد موضوعات العلاقات المصرية - الأمريكية في تلك الفترة التي كانت علاقات الأمريكيين مع مصر خلالها محصورة في نطاقات محدودة ومعروفة.. التعليم والآثار خاصة وأن البلاد كانت تحت سلطة الاحتلال البريطاني وكان من الطبيعى أن يرى الانجليز أنهم أولى بهذا الميدان من أبناء العم سام!
هذا التساؤل رد عليه الأهرام في جملة من أخباره وتعليقاته خلال تلك الفترة..
أول هذه الأخبار جاء في أهرام 15 أبريل الذى أشار إلى سفر اثنين من مهندسى وزارة الأشغال لفحص نوع البترول الذى خرج من جبل الزيت والكمية التي تخرج منه يومياً..
ويبدو من هذا الخبر أن الرجلين لم يكونا من المختصين فقد اقتصرت مهمتهما عل رفع تقرير لاتخاذ التدبيرات بشأن الانتفاع من هذا المعدن الجزيل الفائدة!
الخبر التالى كان عن عمل محدود قام بع البريطانيون في هذا الشأن وجاء فيه "سيسافر بعض ضباط الهندسة من جيش الاحتلال إلى جبل الزيت بغية معاينة آبار زيت البترول"، وكان الخبر الأول الذى يشير إلى مساهمة انجليزية والأخير أيضاً!
تتالت بعد ذلك الأخبار التي تشير إلى الدور الأمريكي الأكثر فعالية، والذى تمثل في جانب منه في الاستعانة بخبير أمريكى في مجال التنقيب هو المستر هربرت تويدل HERBERT TWEDDLE الخبير في حقول بترول بنسلفانيا وقد تتبع الأهرام قصة الاتفاق معه..
أول الأخبار التي ساقها عنه كانت في أوائل يونيه عام 1886 عن وصول مهنجس "استحضرته الحكومة خصوصاً للحبث عن حقيقة نوع الزيت وأهمية منفعته"!
الخبر الثانى كان عن تعاقد الحكومة مع الرجل. ويلاحظ في هذا الخبر أن النظارة قد أنشأت وظيفة جديدة هي وظيفة مستشار عموم اشغال زيت البترول وأنها خصصت للمهندس الأمريكانى هربرت تويدل وأن العقد يبدأ من أول يوليو عام 1886.
الخبر الثالث عن نتائج أعمال المستر توديل..
أشار الرجل أولاً إلى أن الزيت يظهر عل ثلاث طرق، بالحفر في العمق أو ف أقل من ذلك في العمق أو كافياً دون عمق وأشار على الحكومة باستخدام الطرق الثلاث "فإن زادت في التعميق وكان ذلك طريقاً لكثرته كان خيراً على خير وإن لم تجد ما يخرج منه على حاله هذه يقوم بإيفاء النفقات".
نصح ثانياً بأن تخصص الحكومة مبلغ 50 ألف جنيه للقيام بأعمال الحفر أي ما يعادل 250 ألف دولار، الأمر الذى كان محل مناقشات حامية نتيجة لظروف الحكومة المالية "الضنك" على حد تعبير الأهرام مما تطلب عقد عديد من الاجتماعات بين رئيس النظار والسير ايفيلين بيرنج المعتمد البريطاني في القاهرة لاعتماد المبلغ.
أشار الأهرام إلى أحد تلك الاجتماعات والتي شارك فيها عدد من رجال سلطات الاحتلال الذين وافقوا على اطراد العمل في الجبل "إذ تبين بعد الفحص المدقق أن المسألة سينجم عنها فوائد جمة بإذن الله".
بدا الوجود الأمريكي أيضاً من الخبر الذى ساقه الأهرام في أواخر مايو من أن "أحد التجار الأمريكانيين من أصحاب الثروة والغنى توجه إلى جبل الزيت ليستكشف إمكانية التجارة فيه وقد أعربت الصحيفة عن آمالها أن يتأتى من ذهابه فائدة فنقف منه على ما يوطد آمالنا بحسن نتيجة أعمال هذا المعدن"!
ولقد آثار وجود الرجل في مصر قضية اسناد أعمال التنقيب عن الزيت لرأس المال الخاص والتي استفاض الأهرام في مناقشتها حتى أنه يمكن القول أن تلك الشهور قد شهدت وضع أسس عقود الامتياز في تاريخ البترول المصرى.
أو ما انتوته الحكومة المصرية أن تقيم معملاً للتقطير (التكرير) في السويس على أن يبقى هذا المعمل ملكية عامة وليس في النية مبيعة لشركة مالية.
ما قبلت بيعه أراض من جبل الزيت بين أفدنه وأمتار بأثمان معلومة على النحو الجارى في أمريكا وسواها، وأنه يمكن لصاحب الأرض إذاك أن يبعث ما استنزفه من أرضه إلى معمل التقطير في السويس.
وقد نصح الأهرام الحكومة بالاتفاق مع شركة متخصصة في مثل هذه الأعمال تقاسمها النتيجة، وأسس هذه النصيحة على ضوء حقيقتين، أولاهما أن الحكومات في أوربا نفسها تلجأ إلى هذا النهج لأنها عاجزة عن إدارة مثل هذه المشاريع، وثانيهما: أن المعدات التي تتوفر لتلك الشركات لا تتوفر لتلك الشركات لا تتوفر للحكومة "وما تعمله الأولى بشهر لا تعمله الحكومة بعام على شرط أن يقوم بين الطرفين وفاق محكم تضبطه شروط عادلة".
غير أنه بوضع كل تلك الآراء موضع التطبيق كان مطلوباً انتظار عمليات الكشف التي تولاها المستر تويدل..
***
حتى شهر أغسطس عام 1886 استمر الأهرام يسوق أخباراً متفائلة عن جبل الزيت حتى خيل لقرائه أن الرخاء أصبح قاب قوسين أو أدنى وأن هذا الجبل كفيل بحل كل المشاكل المصرية.
يبشر أحد هذه الأخبار القارئ أنه قد اتضح بعد تحليل بترول "جبل الزيت" أن واده صالحه فهى باستثناء مادة الإنارة أفضل من مواد الزيت الأمريكانى الأخرى وأن ازدياد انتاج هذا الزيت سوف يكون فيه فوائد مؤكدة للخزينة المصرية.
خبر آخر يبالغ في الحديث عن وفرة الزيت إلى حد أنه طفح على وجه أراض جديدة مواد زيتية "مما يدل على غزارة زيت البترول في تلك الأنحاء، والعمل جار على سير غورها".
خبر ثالث بعث به مكاتب الأهرام في السويس بأن وكيل الوابورات الخديوية في الميناء قد اختبر تشغيل الآلات البخارية بزيت البترول بدلاً من الفحم فصادف اختباره نجاحاً إذ تبين أن ما تقطعه الآلات من الفحم يضاهى أربعة أضعاف منا تقطعه من الزيت وتنهى الصحيفة الخبر بالإيحاء أن كل شيء جاهز لتطبيق التجربة بعد أن يتدفق الزيت على الميناء أو من الجبل القريب!
وتصل النغمة التفاؤلية إلى مداها حينما يقترح الأهرام إلغاء نظام البدلية الذى يعفى بمقتضاه بعض من أصابتهم القرعة من التجنيد في مقابل بدل مالى يدفعه على اعتبار أن عوائد جبل الزيت سوف تكفى الحكومة مما لا يجعلها في غير حاجة إلى الرسوم التي تجبيها من تلك البدلية.
***
أخذت تلك النغمة التفاؤلية في الانكسار خلال الشهور التالية مما يمكن تبنيه من مجموعة من الدلالات..
أولى تلك الدلالات تبدت في أن بعض الأصوات أخذت في الارتفاع معترضة على تخصيص مبلغ الخمسين ألف جنيه لأعمال التنقيب خاصة بعد أن مضت شهور ولم تأت النتائج المرجوة.
دفع ذلك الأهرام ولأول مرة منذ أن ساق أخبار جبل الزيت إلى اتخاذ موقف الدفاع عن الحكومة وأنها لم تعتمد على هذا المبلغ إلا بعد "أن استشارت العارفين ووقفت على تقاريرهم المسببة، "وأن هذا المبلغ ليس معرضاً للضياع مهما كانت النتائج فالقليل منه الذى وجد يكفى لاستيفائه ولكن إذا تحققت الأمانى فكان البترول غزيراً كانت النتيجة عظيمة للخزينة فنستفيد مبلغاً وافراً ويسرنا أن ما عرفناه للآن يؤملنا بلوغ الأمانى بإذن الله"!
دلالة أخرى في الخبر الذى جاء عن حفر بئر ثانية وأن الحكومة قد أمرت أيدها الله بجلب الآلات اللازمة من أوروبا حتى إذا تهيأ كل ذلك نظرت في ساعات العمل.. ويلاحظ بالنسبة لهذا الخبر أن الأهرام ولأول مرة قد تخلى عن عبارات طالما أنهى بها أخباره عن جبل الزيت كالقول "حقق الله الآمال" أو القول "سينجم عنه فوائد جمة بإذن الله" وما إلى ذلك من عبارات مفعمة بالتفاؤل.
دلالة ثالثة فيما أخذت تبديه الصحيفة في أواخر يونيه عام 1886 من شكوك حول كل ما قيل عن الحصول على إيرادات جديدة تسد عدة أبواب من النفقات من عوائد الزيت، وعلى حد تعبير مدير "الأهرام" لا أرى الحصول على هذه النتيجة في الإمكان قبل مضى شهور عدة مع أننا بين الشك واليقين من وجود من وجود البترول غزيراً فإن الأقوال على ىتباين كثير"!
آخر تلك الدلالات أن أخبار جبل الزيت أخذت في الانحسار عن صفحات الجريدة بعد أن كانت تحتل مكانة ظاهرة من تلك الصفحات ولم يشر الأهرام إلى الأسباب التي أدت إلى ذلك الانحسار وإن كانت بعض المصادر قد أشارت..
السبب أن تويدل بعد أن حفر خمسة آبار في جمسة وبئر في جبل الزيت جاءت النتائج بأنها جميعاً غير منتجة، الأمر الذى أدى إلى انزعاج الحكومة المصرية من تزايد النفقات دون التمكن من استخراج أية كمية بشكل تجارى يعوض بعضاً من تلك النفقات.
أدى ذلك إلى أن تبعث السلطات في القاهرة بأحد الخبراء من جيش الاحتلال، هو الكولونيل ستيوارت، لكتابة تقرير من الموقع، وبعد بحث مكثف أوصى الرجل بإجراء ثلاث حفريات جديدة في المنطقة إلا أن الحكومة قررت إرجاء تنفيذ التوصية بعد أن كانت قد أنفقت ما يعادل نصف مليون دولار على العمليات السابقة، واستمر هذا الإرجاء حتى عام 1910 حين بدئ في انتاج زيت البترول من نفس المنطقة على نطاق تجارى وإن بقى الكثيرون يحتفون بعام 1886 باعتباره تاريخاً لميلاد البترول المصرى!

صورة من المقال: