ads

Bookmark and Share

الاثنين، 13 أغسطس 2018

026 البيان في أقاليم السودان!

البيان في أقاليم السودان!
بقلم: د. يونان لبيب رزق
نشر فى الأهرام الخميس 13 يناير 1994م - 1 شعبان 1414هـ

"جناب النبيه سليم أفندى أحد وكلاء الأهرام العموميين في الأرياف، قرر القائمون على تحرير الصحيفة ارساله إلى السودان ليكتب تقريراً عنه في صيف عام 1882.
ويمثل هذا العمل في تاريخ الأهرام نقلة نراها ذات أهمية خاصة.. فهو من ناحية كان يعنى أن الاهتمامات، بل والهموم المصرية، قد أخذت تحتل مكانها المفترض في الصحيفة، بعد أن كانت تلك الاهتمامات منصبة أكثر على الشام، خاصة جبل لبنان، من حيث أتى أصحاب الأهرام.
ومن ناحية أخرى كان ينم عن توجه أهرام إلى الجنوب بعد أن استمر توجهه الشمالى إلى أوربا غالباً طوال الوقت، وهو توجه بدأ في ذلك الحيز الذى استمر يفرده للأخبار الأوروبية والذى كان له أهم مكان في الجريدة.. الصفحة الأولى.
وليس من شك أن أصحاب الأهرام كانوا يعلمون أن تغير الاهتمامات وتعدل التوجهات سوف يكلفهم عنتا، فبينما تعددت قنوات الاتصال مع الشام وأوربا، وابورات البحر التي تمخر عباب المتوسط، كابلات البرق التي تطير الأخبار، وكالات الأنباء التي تسوق كل جديد، الصحافة الأوروبية التي يتوالى ورودها بشكل منتظم.. كل ذلك لم يكن متوافر بالنسبة للسودان، وهو ما قرره "جناب النبيه سليم أفندى" في سلسلة المقالات التي أمد بها الأهرام، وكانت تحت عنوان "البيان في أقاليم السودان"!
***
لعل أطرف ما يرويه الرجل عما يكابده المسافرون إلى السودان آنذاك وصفه لما يحدث لهم بعد اجتيازهم صحراء العطمور.. يقول: "وعندما ينتهى المسافر من طريق العطمور يصل إلى قرية صغيرة تدعى أبى حمد فيستقبله أهل القرية بالزغاريط وهى عادة مألوفة عندهم لابد من ملاقاة كل مقبل بها تهنئة له بسلامة الوصول"!
والتهنئة بسلامة الوصول على هذا النحو الاحتفالى تكتسب معناها من التعرف على سكة السفر، إلى الجنوب، والتي كانت تبدأ من أسوان إلى الشلال، وهى المسافة الوحيدة التي توفر بها خط حديدى يقطعها القطار في نصف الساعة فقط، يلى ذلك السفر حتى "كورسكو" والتي يشير "النبيه سليم افندى" انه قد قطعها في يومين ونصف اليوم، ولم يشك منها..
المشكلة الحقيقية كانت في المرحلة بين تلك البلدة الأخيرة دنقلة والتي تستغرق "اثنى عشر يوماً وكلها سهول مرملة وهضاب مقفرة وفيها بعض الجبل الفاصلة ولا يوجد في كل هذه المسافة ينابيع مياه صالحة للشرب، ويذكر أن على المسافر في تلك المرحلة أن يصحب من أسماهم بالخبراء الذين "يستدلون نهاراً بالأثر وفى الليل بالنجم وإذا ضل المسافرون هلكوا لا محالة"!
وقطع هذه المرحلة الأخيرة كان يعنى بالفعل الوصول بالسلامة، فبعد أبى حمد بأربعة أيام وصل "جناب" النبيه" إلى بربر.
وكان الوصول إلى تلك المدينة يعنى انتهاء المرحلة الشاقة من "سكة السفر" إذ كان بينها وبين الخرطوم "وابورات البحر" التي تقطع المسافة إلى "مركز حكمدارية السودان" في سبعة أيام.
ومن رواية "سليم افندى" أول مراسل للأهرام يقصد السودان يتضح أن رحلته من أسوان إلى الخرطوم قد استغرقت نحو 27 يوماً، إذا أضفنا إليها فترات الانتظار فضلاً عن فترة السفر إلى أسوان لاتضح انها قد جاوزت شهراً بكثير!
المهم أنه بعد كل هذه المشقة كان على الرجل أن يقدم لقارئ الأهرام شيئاً مفيداً، ونرى أنه قد فعل!
***
قبل التطرق إلى ما قدمه الرجل فالواضح أنه كان سئ الحظ، فقد قام برحلته الشاقة خلال عام 1882، وبينما كان في الربوع السودانية تتالت الأحداث على نحو غير موات لمهمته..
في السودان بدت نذر الثورة المهدية، وفى مصر جرت وقائع الثورة بعد أن كان قد أرسل بجملة تحقيقات إلى الجريدة بالإسكندرية التي أرجأت نشرها خلال لهثها وراء تلك الوقائع التي انتهت بإحراق مقر الأهرام وبه تحقيقات سليم افندى!
يقرر الرجل هذه الحقيقة في مستهل نشره لتحقيقاته، وجاء فيه: "حيث أنى صرفت عاماً كاملاً بالتجول في الأقاليم السودانية بصفة كونى مراسلاً لجريدة الأهرام ووقفت على أحوالها وعوائد أهلها واخترت مسالكها وأماكنها فقد رأيت من المفيد أن أبسط للقراء ما شاهدته.. وقد نظمت فيما مضى مجموعة مفصلة لجميع ما عانيته وكابدته إلا أن الحوادث الثورية التي حرقت الارم غيظاً قضت عليها في العام الماضى فذهبت شهيدة العصيان هي وإدارة الأهرام وجميع محتوياتها فاضطرت لإعادة انشائها ثانية"!
وفى "الانشاء الثانى" لسليم افندى نقرأ..
أول ما عنى به الرجل توصيف مدن السودان التي زارها وقد اقتصرت على السودان الأوسط بربر وشندى وسنار فضلاً عن الحاضرة، الخرطوم، التي قدم لها وصفاً وافياً..
وإذا كان "جناب النبيه سليم" قد احتاج لعام ليزور ذلك القسم من السودان فلابد أنه كان محتاجاً لمثله ليستكمل زيارة بقية أقاليم السودان، في الغرب حيث دارفور، وفى الشرق حيث سواكن، مما ينم عن صعوبة الاتصالات في ذلك القطر الشاسع حتى ثمانينات القرن الماضى.. قطر المليون ميل مربع!
بينما وجد "أبى حمد" أول بلاد الأقاليم السودانية التي وصلها بعد عبور العطمور مجرد "محطة في سكة السفر" بها نحو ثلاثمائة من السكان بين ذكور واناث" فقد رأى بربر "بلدة كبيرة تابعة لحكمدارية السوادن يبلغ عدد سكانها خمسة عشر ألفاً وفيها كثير من أشجار الفاكهة.. وزراعتها الأذرة والفول وبعض البقول والخضار.. وهذه البلدة محطة للبضائع الواردة من غربى السودان وفيها بعض التجار الأجانب الذين يستقبلون تلك البضائع ويرسلونها إلى الخارج..
لفت نظر مراسل الأهرام في بربر وجود "مدرسة لتعليم الأولاد وتهذيبهم على نفقة الحكومة، وهواؤها جيد للغاية ويقال أنه لا يوجد في السودان بلد أجود منه هواء"!
الخرطوم التي وصلها سليم افندى في صيف عام 1882 كان بها "ما ينوف على مائة ألف من السكان منهم نحو الستين ألفاً من العبيد الأرقاء".
والواضح أن الرجل قضى أغلب رحلته في "مركز الحكمدارية" كما أسمى الخرطوم فقد قدم لنا وصفاً تفصيلياً عن كثير من معالمها ومن مناحى الحياة فيها.
وإذا كانت نقطة التقاء النيلين الأزرق والأبيض بالعاصمة السودانية لا تزال تشكل أهم معالمها فان مراسم الأهرام قبل ذلك الوقت الطويل تحدث عنها بإسهاب شديد..
فبعد أن تحدث عن النيلين وأسماهما بالبحرين.. البحر الأزرق والبحر الأبيض استطرد قائلاً: "والبحران المذكوران يلتقيان عند أول الخرطوم في محال يسمونه المقرن. وقيل أن تسمية المدينة بالخرطوم مأخوذة منه لأن المقرن أشبه بزاوية مثلثة منجرفة تماثل خرطوم الفيل".
عند نقطة التقاء "البحرين" لاحظ الرجل أن "مياه البحر الأبيض بيضاء والأزرق زرقاء حقيقية، وهذا الداعى لتسميتها بهذين الاسمين وأما مياه البحر الأزرق فليست لذيذة الطعم صالحة للشرب" ولعل سليم لم يكن يعلم حتى ذلك الوقت السر.. سر أن تلك المياه كانت تحمل كميات الغرين التي وهبت مصر النماء، وهى بالتالى لم تكن صالحة للشرب ولكنها كانت تصنع الخصب!
ولأن مراسل الأهرام وصل إلى الخرطوم في مطلع يونيو عام 1882 فقد عاين موسم الأمطار فيها وشاهدها وهى "تهطل بغزارة شديدة مدة ساعتين فهدم نحو خمسين بيت وقتل تحت الردم نحو عشرين شخصاً ولا نسبة بينها وبين ما يسقط عندنا في الشتاء"!
لفت نظر صاحب التحقيق أيضاً المدرسة الكائنة في المدينة، وقد لاحظ انها أكبر من تلك التي شاهدها في بربر ووصفها أنها "مدرسة كبرى لتهذيب الأولاد وتدريسهم العلم وتضم كثيرين من الطلبة على نفقة الحكومة".
في زيارته لمديرية سنار لم يتحدث عن المعالم بقدر ما تحدث عن البشر، وهو الأمر الذى تناوله في زياراته الأخرى والذى يشكل الجانب الثانى من مشاهدات صاحب الرحلة التي نشرت على ست حلقات في الأهرام.
***
الملاحظة الأولى حول سكان السودان تعلقت بتعدد لون بشراتهم، فقد قسمهم إلى "خمسة أشكال" على حد تعبيره، "المكادى وهو مقبول مائل إلى السمرة، والحبشى الأكثر سمرة، والدنكة وهو ذو لون أسود حالك، والأحمر ومنه أكثر العرب القاطنين في السودان، والشكل الخامس الليمونى ويغلب على المولدين هناك من الأجانب".
المرأة السودانية حظيت باهتمام بالغ من مراسل الأهرام وخصص لها مساحة واسعة من تحقيقه، فقد تعقبها أينما ذهب!
تعقبها في بربر حيث لاحظ نساءها جميعاً "لابسات تعاويذ لشدة اعتقادهن بالسحر وتسلط الأوهام على عقولهن فيربطن خمس تعاويذ أو أكثر بسير من جلد يعلقنه في العنق فيصل إلى القدم وهن يفاخرن بكثرة التعاويذ"!
تعقبها في الخرطوم وكتب عنها كثيراً وان كان أطرف ما ذكره جاء في القول: "ومن عوائد النساء المستغربة أن المرأة إذا صادفت أحد الرجال أثناء مرورها تخلع حذاءها من رجليها وتحمله بيدها اليسرى وعندما تدنو من الرجال تضع يدها اليمنى فوق رأسها ثم تخفضها إلى أسفل علامة التحية والاعتبار"!
تعقبها في سنار، أرض الذهب، ولاحظ أن "نساء تلك الجهات يتزين بالحلى الثقيلة في آذانهم فيعلقن بها قرطاً من الفضة أو الذهب يبلغ وزنه نحو مائة درهم ولكيلا تتمزق آذانهم يربطنها برؤوسهن ويلبسن الخلاخيل في أرجلهن وقد يبلغ وزن الخلخال الواحد ما ينوف عن أربعمائة درهم وبعضها من الفضة والبعض من الذهب حسب مكانتهن"!
لاحظ أيضاً تنظيم "شعورهن فنجدها ضفائر رفيعة منسدلة على أكتافهن تكاد تبلغ الألف عداً"!
ولأن "المراسل النبيه" كان يعلم مدى الجاذبية التي يلقاها الحديث عن الخرافات بكل ما يحوط بها من غموض عند جمهور القراء فقد آثر أن يتناولها عند السودانيين بدرجة من الاسهاب.. وقد خص السناريين بالقدر الأوفى من هذا الاسهاب، فقد رآهم "يعتقدون بالسحر اعتقاداً شديداً ويصدقون الخرافات أكثر كثيراً من بقية الجهات السودانية".
من خرافاتهم التي سمع عنها: "هم جميعاً يزعمون أن بعضاً منهم يتحولون عن هيئتهم البشرية ليلاً ويصيرون بهيئة حيوان قبيح المنظر مخيف يعرف عندهم باسم مرعقيل"!
من خرافاتهم أيضاً "أنهم يعتقدون بوجود بلدة في داخلية السودان مأهولة بحجم غفير من النساء خالية من الرجال وفى أيام معلومة من كل عام يستحمون في بحيرة هناك وذلك يغنيهم عن الرجال فيظهر عليهم الحمل ويلدون اناثاً"!
عنى سليم أفندي أيضاً بملاحظة أثاثات السودانيين ومأكولاتهم في ذلك التاريخ البعيد.
"العنكريب" كان أول ما لفت أنظار الرجل، وهو حسب وصفه "قائمة على أربع قطع خشبية مشدودة بسيور من جلد أو قماش أو قش ينامون عليها ليلاً ويتخذونها للجلوس نهاراً وهى موجودة بوفرة عند الأغنياء والفقراء فانهم لا يرقدون على الأرض أبداً"، وعزا ذلك إلى انتشار "الهوام" الزاحفة، على حد تعبيره.
أما "المأكل" فقد لفت نظره "أثمانه البخسة جداً فالشاه تساوى ريالاً واحداً في البندر أما الأرياف فأقل.. وتباع الفرخة السمينة بقرش واحد" وإن كان لم يستطع تحمل مذاق بعض الأطعمة السوادنية، ونترك له رواية تجربته بهذا الشأن.. قال: "ومن العجيب أن مأكلهم جميعاً حارة جداً ويحبون صنفاً من الطعام يصنعونه في الولائم ويفتخرون به فيعرف باسم "ملاح".. وقد ألح على بعض الاخوان فأكلت من الملاح شيئاً يسيراً فشعرت بنار تلتهب داخل فمى وكدت أغيب عن الهدى"!
***
لما كانت نذر الثورة المهدية قد أخذت تلوح في الأفق خلال وجود مراسل الأهرام في "الأقاليم السودانية" فقد كان من الطبيعى أن تخلف بصماته على تقريره المطول..
في موقع من هذا التقرير وتحت عنوان "كيفية القتال عند السودانيين" كان رأيه أن "القتال عندهم عديم الانتظام بالمرة وفوارس القبائل يتقلدون من الأسلحة السيف والرمح والنبوت ويلبسون خيلهم ثوباً من اللباد.. وهم يخافون خوفاً شديداً من الأسلحة النارية حتى أنه ربما تمكن شخص واحد من قهر مائة رجل من الأشداء بواسطة بندقية فارغة"!
ولعل سليم افندى قد أراد من وراء التهوين من القوة السودانية ادخال الطمأنينة على قلوب المسئولين في القاهرة من استفحال أوار الثورة في الجنوب حتى أنه تحدث عن معركة في باره في كردفان "حيث كانت الجنود المصرية معسكره فيها وكان عددهم نحو ثلاثة آلاف مقاتل وكانت رجال المهدى الكذاب(!) زهاء 15 ألف مقاتل قاصدة الهجوم على العساكر المصرية التي لم تبرح من أماكنها بل ثبتت فيها وصوبت بنادقها نحو الأعداء فلم يجسر أحد منهم أن يدنو من المعسر بل ولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار بعد أن فقد منهم ألفان وتسعمائة في وقت قصير جداً"!
وفى موقع آخر تناول بالحديث نسب أهالى الخرطوم وأرجعه إلى القبائل المجاورة، وأن قسماً منهم ينحدرون من أصول دنقلاوية، ويقف عند تلك المعلومة منبهاً..
فأبناء هذه الفئة "أشداء أقوياء ينتسبون إلى المهدى الكذاب(!) الدنقلاوى الأصل ينبغي الحذر منها لأنها تميل إلى وطنيها (مواطنها) الضال ولولا مخالفتها بأس الحكومة لما تأخرت عن المجاهرة معه"!
ويستطرد مراسل الأهرام في تنبيهه من هؤلاء فيقول أنه يوجد بينهم كثيرون من ذوى قرى المهدى "وبعضهم ينتسبون إليه للمباهاة ويحترمونه ويعتقدون به".
ويتحول التنبيه إلى تحذير للحكومة في تلك الأنحاء التي رأى أن عليها أن "تنتبه إليهم وتترقب حركاتهم وسكناتهم لتكون مالكة زمامهم مادام لمدعى المهدية أثراً مأثوراً"!
في موقع ثالث استفاض في الحديث عن "عبد القادر باشا حكمدار السودان سابقاً" وحاول أن يصنع صورة أسطورية، وهى صورة ترسخت فعلاً للرجل في الوجدان الوطنى المصرى..
عبد القادر حلمى أحد العسكريين المصريين تولى حكمدارية السودان بين فبراير 1882 وفبراير من العام التالى، وهى الفترة التي عرفت بدايات انتشار المهدية التي نجح الرجل في احتوائها وبسياسات محددة تقوم على تقرير الدفاع وارسال حملات لبعض مناطق الوجود المهدى نجحت في انزال الهزائم بالأنصار في الجزيرة وسنار.
وإذا كانت نجاحات الرجل قد أزعجت المهديين حتى انتشر بينهم الدعاء المشهور "اللهم يا قوى يا قادر اكفنا عبد القادر" فإنها قد أضفت هالة من البطولة حول الرجل عند المصريين..
وقد أدت الإعادة الغامضة للرجل إلى بعد أقل من خمسة شهور من الاحتلال البريطاني إل البلاد إلى شيوع فكرة في الدوائر الوطنية مؤداها أن الانجليز كانوا وراء هذه الإعادة رغبة منهم في إنجاح الثورة المهدية واتمام اخلاء السودان من المصريين، ومع انه لم تثبت هذه الفكرة علمياً فإنها قد استمرت تجد صداً كبيراً في مصر.
ونرى أن مراسل الأهرام قد تأثر بتلك الصورة ف تناوله لشخصية الرجل الذى كان حكمداراً في السودان وقت رحلته إليه..
فهو يتحدث في موقع عن المعجزة التي صنعها عبد القادر الذى قطع طريق العطمور في ستة أيام بينما استحال على غيره أن يقطعه في أقل من اثنى عشر يوماً!
ويتحدث في موقع آخر عن سيره "بالعساكر القليلة التي معه إلى حيث "المتمهدى وأعوانه وتنقض عليهم فتبدد شملهم وتفوز بالغلبة عليهم مهما كان مبلغ عددهم"!
ويشير في موقع ثالث إلى ما أسماه "مآثر عبد القادر باشا الطيبة في السودان، وان منها "ما شيده من الطوابى الممتدة من الخرطوم إلى حدود البحر الأبيض والبحر الأزرق فدرأت عنها الأخطار التي كانت تتهددها من قبل فصارت منيعة يعز على الأعداء مهاجمتها مهما كان مبلغ القوة منهم"!
ويبدوا أن "حضرة النبيه سليم افندى" لم يكن أحيط علماً وقت نشر ذلك الكلام الذى كتبه في عدد الأهرام الصادر يوم 2 نوفمبر عام 1883 بما جاءت به الأخبار من كارثة لحقت بالقوات التي كانت قد جمعتها الحكومة على عجل واسندت قيادتها إل ضابط بريطاني متقاعد هو الجنرال هكس باشا الذى أعوزته الدراية بالمنطقة فقاد تلك القوات إلى كارثة في شيكان بدأ بعدها العد التنازلى من جانب سلطات الاحتلال لإنهاء الوجود المصرى في السودان مما يشكل قصة أخرى لم يأل الأهرام جهداً في متابعتها!

صورة من المقال: