ads

Bookmark and Share

الأربعاء، 4 أبريل 2018

022 العصبة السرية الانتقامية!

العصبة السرية الانتقامية!
بقلم: د. يونان لبيب رزق
نشر فى الأهرام الخميس 16 ديسمبر 1993م - 3 رجب 1414هـ

ربما لم تعدد مسميات جماعة سياسية في مصر بالقدر الذى حدث مع جماعة نشأت لمقاومة الوجود البريطاني بعد شهور قليلة من الاحتلال..
أول هذه المسميات هو الذى اختارته تلك الجماعة لنفسها، فقد أسماها مؤسسوها "بالعصبة الوطنية المصرية"، أحياناً وأسموها جمعية الانتقام أحياناً أخرى.
أحمد شفيق باشا صاحب السيرة المشهورة "مذكراتى في نصف قرن" والتي اكتسبت أهميتها من معاينته للأحداث من خلال موقعه في المعية السنية أو قصر عابدين خلال تلك الفترة وما بعدها أسماها "المؤامرة الوطنية المصرية"!
مأمور الضبطية الذى تولى ضبط رجال الجمعية كما تولى التحقيق مع أفرادها في مراحله الأولى أسماها كام جاء في تقاريره "للأعتاب السنية".. أسماها "جمعية الخطابات".
أما الأهرام فقد تتبع أخبارها تحت مسمى مختلف.. فقد أسماها "العصبة السرية الانتقامية" وهو المسمى الذى آثرنا اختياره عنواناً لهذه الحلقة..
ولعل السبب في تعدد المسميات على هذا النحو الطابع السرى الذى تلفحت به تلك الجماعة. وكان له أسبابه فضلاً عن أن أعضاءها من جانب آخر، وربما من قبيل المبالغة في السرية، قد اتخذوا أكثر من مسمى عرفنا منها اثنين على الأقل.
وتستحق تلك الجماعة، التي وإن لم تعش سوى لفترة وجيزة إلا أنها كانت علامة هامة على عدم خمود جذور المقاومة الوطنية المصرية.. تستحق المتابعة ونبدأها من الأهرام.
تبدأ تلك المتابعة بخبر جاء في عدد الأهرام رقم 1666 الصادر في 14 يونية عام 1883، أي بعد الاحتلال البريطاني بتسعة شهور بالضبط وقد قال بالحرف الواحد..
"قبضت الضبطية "الأمن" في الليلة الفائتة على نحو 10 أشخاص يقال أنهم رعاع القوم وقد اتهموا بأنهم أصحاب الكتابات المرسلة بدون امضاء، وبودنا أن تتروى الضبطية في المسألة لتتمكن من الوقوف على حقائقها ومبدأ الفساد وعلة الفتنة فلا يؤخذ البرئ بالمسئ ولا يعد المخلص الصادق في عداد زمرة غايتها إلقاء الشقاق في زمن نحن أحوج الناس فيه إلى الهدوء والسكينة".
ولعل أهم ما يثير الالتفات في هذا الخبر أنه بينما تجمع كافة المصادر على أن "الضبطية" قد قامت بالقبض عل أعضاء الجمعية بعد يوم 20 يونية يأتي الأهرام ليؤكد لنا أن القبض قد تم قبل ذلك بأسبوع على الأقل، بيد أن تلك المصادر تروى لنا تفاصيل أكثر لقصة هذه الجمعية تستحق الإمساك بها من أولها.
***
ففي مطلع عام 1883 كان قد وصل عدد من المنشورات الغامضة إلى كبار رجال الدولة كان بعضها "محرراً بالفرنسية" وكان البعض الآخر  محرراً بالفرنسية والعربية، وقد حملت أحياناً توقيع "المنتقم بالعربية: وأحياناً أخرى توقيع "العصبة الوطنية المصرية Ligue Patriotique Egyptienne" بالفرنسية.
ويلاحظ المؤرخون أن بعض هذه المنشورات ذات الطبيعة التهديدية قد أرسلت إلى الخديو ورئيس النظار والنظار والأمراء وقناصل الدول الأجنبية بمن فيهم القنصل الانجليزى والألمانى والنمسوى بينما أرسلت منشورات أخرى إلى بعض الأعيان توضح فيها مقاصد الجمعية وتطلب عونهم في تحقيق هذه المقاصد ولعل استعراض بعض ما جاء في تلك المنشورات يكشف عن هوية "العصبة السرية الانتقامية" كما أسماها الأهرام.
ربما كان أهم تلك المنشورات ذلك المنشور الذى أرسلته الجمعية إلى قنصل ألمانيا العام والذى عثر عليه في أوراق التحقيق بحكم أنه يكشف تماماً عن هوية الجمعية..
جاء في هذا المنشور أن الجمعية تعمل على "تحرير الوطن وطرد الانجليز من مصر واخراجهم من وظائف الحكومة أو من توظف منهم في الجيش.. وان الجمعية قد عقدت العزم على الاستمرار في هذه الحرب الصامتة وأنها حدد يوم 14 أغسطس لبدء عملها الانتقامى واستخدام القوة مع من يتعامل مع الجنود الانجليز بالبيع والشراء".
انذار آخر إلى مدير البوليس تنصحه بالاستقالة وتحذره من تحدى رئيس الجمعية "المنتقم" وثالث أرسلته إلى رئيس مجلس النظار تطالب بمنع بيع البنادق والمدافع الخاصة بالجيش المصرى لأن هذه الأسلحة ملك الأمة اشترتها بدمائها وعرق جبينها، وتحدد الجمعية ثمانية أيام على الأكثر كى يعلن شريف باشا في الصحف عن وقف هذا البيع وإلا سوف يتعرض النظار للعقاب العاجل!
***
تشير المصادر إلى أن القبض على أعضاء الجمعية تم من خلال عملية اختراق أمنى لها قام بها المدعو "إسكندر اسلام" الذى تمكن "مأمور الضبطية" من تجنيده وقد نجح في الاتصال برئيس الجمعية محمد سعيد الذى دعاه لدخول الجمعية وفى اللقاء التالى سلمه قانونها مع "دبلوم العضوية" ثم في اللقاء الأخير وجد نفسه في أحضان "رجال الضبطية" هو وعشر من رجاله كما كتب الأهرام.
في الخبر التالى الذى ساقه الأهرام عن الجمعية بعد أسبوع من الخبر الأول يصحح الكثير مما جاء ف خبره السابق فيذكر أن عدد المقبوض عليهم سبعة فقط ويسوق أسماءهم ويتراجع عن توصيفهم بالرعاع، فقد اتضح له أنهم كانوا يعقدون اجتماعاتهم في دار أحد الكبراء هو عبد الرازق بك الذى كان رئيساً للمدرسة الحربية في الثغر وأن غالبية المقبوض عليهم يمتون بصلة القرابة لصاحب الدار وأن أغلبهم من "الوطنيين (ألمصريين وأكثرهم كانوا موظفين ورفتوا من سنين"، وأقليتهم كانوا من غير الوطنيين وعلى رأسهم محمد سعيد الحكيم "المغربى الأصل" على حد تعبير الصحيفة وينهى الأهرام خبره بعد ما يلزم من تقريظ سعادتلو النشيط مأمور الضبطية عثمان باشا غالب بأنه كيفما كان الأمر فإن "التحقيق سيكشف لنا سر المسألة"!
***
ولم يكن للمسألة سر واحد فيما كشفته أوراق التحقيق التي تضمها محافظ الثورة العرابية المحفوظة بدار الوثائق القومية بل تعددت أسرارها.
السر الذى لم يمكن الكشف عنه أبداً ربما حتى هذه اللحظة الخاص بشخص "محمد سعيد الحكيم" وهو طبيب ادعى عبد الرازق بك أنه كان موجوداً في بيته لعلاج بعض أفراد الأسرة بينما اعترف الرجل أنه كاتم أسرار الجمعية وأنه اختير لهذا الغرض بحكم رعويته الفرنسية الأمر الذى يصعب معه على الحكومة المصرية أن تحاكمه.
ويشير الأهرام في عدده الصادر يوم 22 يونية إلى أن محمد سعيد الحكيم اعترف في استنطاقه "استجوابه" بوجود الجمعية وقرر أموراً تؤيد اشتراك المقبوض عليهم في أعمالها.
السر الثانى كشف عنه الأهرام في نفس العدد. فاللجنة التي كلفت بالتحقيق مع المتهمين قد تشكلت من "قاضيين بلجيكيين وآخرين وطنيين من وكلاء الحضرة الخديوية في المجلس المختلط في المحروسة".
البلجيكيان هما أدولف فلمنكس المستشار بمحكمة استئناف القاهرة وأرنست دى هلتس القاضي بمحكمة الإسكندرية ونر أن الاستعانة بهذين فضلاً عن القضاة المصريين قد صدر عن اعتبارات عدة.. الجنسية الفرنسية لمحمد سعيد والرغبة في طمأنة القناصل الذين وصلهم العديد من منشورات الجمعية.
سر ثالث أن مجرى التحقيق كان يشير إلى وجود علاقة ما بين الجمعية وفرنسا الأمر الذى أوعزت به مجموعة من الأدلة.. ليس فقط الجنسية الفرنسية لمحمد سعيد الحكيم، بل لأنه كان حاصلاً على أحد الأوسمة الرفيعة من حكومة الجمهورية الفرنساوية، ثم ان القنصلية في القاهرة كانت حريصة على ارسال أحد رجالها لحضور جلسات التحقيق مع الرجل، فضلاً عن كل ذلك فقد لاحظ المحققون أنه بينما كانت الجمعية حريصة على أن ترسل بمنشوراتها لأغلب قناصل الدول الكبرى في القاهرة فإنها لم تكن ترسلها إلى القنصلية الفرنسية.
***
ومع أن المصادر التي تحدثت عن تلك الجمعية تشير إلى تلك العلاقة المتصورة على استحياء فإننا لا نرى هنا ما يمنعها، فلا شك أن الحكومة الفرنسية كانت أكثر الدول رفضاً لاستمرار بقاء الاحتلال البريطاني في مصر واستعانة الوطنيين بهذه الحكومة الأوروبية استمر مقرراً فيما تمثل في استقرار الأفغانى ومحمد عبده في باريس واصدارهما جريدة "العروة الوثقى" التي ظلت تشن حملة عنيفة على الاحتلال خلال الثمانينات ثم أن مصطفى كامل الزعيم الوطنى الشهير بدأ جولاته السياسية من العاصمة الفرنسية.
ويرجح هذا الافتراض بالنسبة لجمعية الانتقام أن الطلبات المتعدد التي قدمها "قومسيون التحقيق للقنصلاتو الجنرالية الفرنسية" للكشف عن حقيقة شخصية محمد سعيد لم تقابل من رجال القنصلاتو إلا بالصمت المطبق!
السر الأخير أن أغلب من توصلت التحريات إلى علاقتهم بالجمعية كانوا ممن شاركوا في الثورة العرابية التي لم تكن قد خمدت نيرانها تماماً بعد..
كشفت الأهرام هذا السر في عدده الصادر في 23 يونية حين قال أنه "إذا تفحصنا حقيقة الأعضاء المؤلفة منهم هذه الجمعية لوجدناهم من أولئك الذين تطرفوا جداً أيام العصيان "يقصد أيام الثورة" وعدم الاقتصاص منهم جرأهم على انكار الجميل وخيانة الوطن وسمو أميرهم المعظم"!
بالمقابل تفصل الوثائق في هذا السر إذ تشير إلى أن عديداً من المقبوض عليهم كانوا ممن حوكموا أيام الثورة أو حتى فصلوا من وظائفهم وكان من هؤلاء محمد افندى فنى الذى سبق له أن كتب عريضة تتضمن الطعن والتنديد بإدارة المالية عام 1880 فحوكم أمام مجلس عسكرى قضى بفصله من خدمة الحكومة وحبسه عامين في "الطوبخانة" منهم أيضاً حسين أفندى مقر الذى سبق أن صدر ضده حكم "بتجريده من الرتب والعنوانات وعلامات الشرف والامتيازات التي حصل عليها لاشتراكه في العصيان" ومنهم محمد صادق السودانى وعبد الرحمن فوجا أحمد الذين فصلوا من وظائفهم لنفس السبب، غير أن أهمهم كان "سعد زغلول أفندى" الذى أصبح بعد ذلك من أعظم زعماء مصر، وله مع "العصبة السرية الانتقامية" قصة تستحق التوقف.
***
في 3 مايو عام 1882 نقل سعد زغلول أفندى من وظيفته كمحرر في "الوقائع المصرية" إلى وظيفة معاون بنظارة الداخلية ومنها إلى وظيفة "ناظر قلم الدعاوى" بمديرية الجيزة ف 6 سبتمبر وبعد ضرب الثورة وفى يوم 6 أكتوبر رفت الرجل من وظيفته وقد جاء في قرار بذلك أنه قد "استصوب رفته مقتضيات المصلحة وصدر في حقه الحرمان المدنى جزاء على الدور الذى قام به من حيث التحريض في الصحف" وأن لم يقدم للمحاكمة مثل آخرين.
خرج سعد أفندى من الوظيفة الحكومية وفتح مكتباً "لوكالة الدعاوى" "المحاماة" مع صديق له حتى تم القبض ليهما مع من قبض عليهم بتهمة الاشتراك في العصبة.
ورغم محاولات المحققين المستمرة فقد أصر الرجل على انكار أية علاقة له بالعصبة المذكورة ثم أن هؤلاء لم ينجحوا من ناحية أخرى في اثبات تلك العلاقة، وهو ما حدث مع كثيرين.
كل ما كان يستند إليه المحققون في استمرار حجز سعد زغلول ورقة صغيرة ضبطت لديه وبها رموز وقد أجاب عندما سئل عنها حرف فرنسية اعتاد على كتابتها.
لعل ذلك ما دفع الأهرام في عدده الصادر يوم 22 يونية وبعد أن لاحظ كثرة المقبوض عليهم إلى سؤال "أعضاء القومسيون إلى الأحكام في التحقيق فيمكن أن يتهم مؤلفى هذه التهمة الفاسدة سواهم من الأبرياء بكونهم مشتركين معهم في أعمالهم رجاء أن يخفف ذنبهم وتنقص جريمتهم".
رغم ذلك فقد استبقى سعد افندى زغلول في الحبس لأكثر من أربعة شهور وتشير المصادر إلى أنه لم يفرج عنه إلا بعد أن اتصل محمد عبده من باريس بالمستر بلنت في لندن الذى تدخل لإتمام هذا الافراج وهو ما لم يحدث إلا يوم 4 أكتوبر وبعد ضمان قدمه رجل يدعى أحمد عثمان "ألكتبى" وقد جاء فيه: "ان ضمانتى للمذكور هي على شرط استقامته وحسن سيره وسلوكه وعدم تدخله في الأمور السياسية".
ورغم عدم ثبوت أية علاقة بين سعد زغلول وبين جمعية الانتقام فقد استمرت عملية احتجازه للتحقيق بشأنها من أهم أسباب شهرة تلك الجمعية.
***
من متابعة الأهرام يلاحظ أنه توقف عن النشر عن العصبة السرية الانتقامية لأكثر من ثلاثة شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر عام 1883 وهو توقف يثير التساؤل..
لقد انشغل الأهرام خلال تلك الشهور بكارثة أصابت مصر وهى تفشى وباء الكوليرا عى نحو طال معه سائر أنحاء القطر من دمياط والإسكندرية شمالاً إلى أقصى الصعيد.
وقد انعكس ذلك فيما يبدو ليس على اهتمامات الأهرام فقط وانما على حجمه فقد عاد ليصدر في صفحتين مثل أيام صدوره أبان الثورة بعد أن كان قد استرد حجمه الأصلى وصدر في أربع صفحات وقد أثر ذلك على متابعته لكثير من الوقائع السياسية حتى أن أخبار العاصمة التي كانت تحتل جانباً معتبراً من الصحيفة والتي كانت تتابع من خلالها القضية تقلصت لتصبح خبراً أو خبرين وأحياناً كانت تصدر الصحيفة بدون خبر واحد من العاصمة.
السبب الثانى أن قومسيون التحقيق كان منهمكاً وقتئذ في التحقيق في عديد من القضايا الفرعية..
فقد وجهت للمقبوض عليهم أربع تهم.. التآمر ضد نظام الحكومة، ارسال خطابات تهديد بالقتل، النصب، والشروع في النصب، وهى التهم التي لم يستطع "القومسيون" أن يثبتها أو على الأقل على أغلبهم.
وفى حالة التخبط العام في التحقيق لم يجد الأهرام ما يقوله وان كانت احدى محفوظات القضية تشير إلى الخطأ الذى حدث في تكليف قضاة أجانب في التحقيق فيها، وان هناك يداً خفية تستخدم نفوذها لإيقاف السير في التحقيق تقصد اليد الفرنسية وان القضاة الأوربيين سيتقدمون باستقالتهم إلى ناظر الحقانية بعد أن يأسوا من حمل المتهمين على الكلام.
وفى تلك الأثناء أخذ القومسيون في الافراج عن عدد من المقبوض عليهم في أواخر يونية وأوائل يوليو ولم ينصرم سبتمبر إلا وكان القضاة قد سلموا بأنهم لم يستطيعوا اثبات التهمة إلا على محمد سعيد الذى اعترف بأنه محرر الخطابات الفرنسية إلا أنه لم يرشد أبداً على من ساعدوه في كتابتها سواء بالفرنسية أو العربية أو ساعدوه في توزيعها.
دعا ذلك قومسيون التحقيق إلى أن ينهى التحقيق "بحصر" جناية وإدانة شخص يدعى محمد سعيد وبراءة جميع الأشخاص الآخرين الذين تم استجوابهم ويصير الافراج عنهم.
رغم ذلك فان الافراج عن المتهمين استغرق وقتاً ولم يتم إلا في أوائل أكتوبر فيما تضمنته الوثائق وفيما أشار إليه الأهرام الصادر في 6 أكتوبر عام 1883 والذى جاء فيه أن ضبطية العاصمة قد "أفرجت عن المتهمين بعضوية الجميعة السرية والاشتراك في التحارير التهديدية ولم يبق في السجن إلا اثنان فقط من المتهمين ويقال أن الضبطية ستخلى سبيلهما بعد أخذ الضمانة عليهما والتعهد بأنهما لا يخالفان الأوامر السنية"
لم تذكر الأهرام شيئاً عن شخصية الرجلين وان كانت الوثائق قد تحدثت عنهما..
أحد الاثنين كان بالطبع "محمد سعيد الحكيم" الشخصية الغامضة، فقد كان الوحيد الذى اعترف بالتهمة دون أن يشى بأى شخص آخر حتى أنه لما سئل عن سعد زغلول رد بأنه لا يعرف مطلقاً "سعد سيجول" وليس زغلول!
فضلاً عن ذلك فقد عجز المحققون عن أن يثبتوا جنسية الرجل فبينما ذكر الأهرام أنه "مغربى الأصل" فقد جاء في أوراق التحقيق أنه جزائرى وكان لدى المحققين شكوك قوية أنه ربما يكون فرنسيا وان اسمه قد لا يكون محمد سعيد!
المهم أن الرجل كان الوحيد الذى قدم للمحاكمة وصدر عليه حكم من "مجلس ابتدائى مصر" تأيد من استئناف مصر في 14 ديسمبر عام 1883 "بنفيه إلى البلاد البعيدة حسب المادة السادسة من فصل أول من القانون".
الرجل الثانى كان مصطفى بك صدقى الذى قبض عليه مع محمد سعيد في بيت عبد الرازق بك صهره، وهو رغم انكاره للاتهام فقد تقرر نفيه من البلاد بمقتضى حكم صادر ضده في 3 نوفمبر عام 1883 وقد جاء فيه تبريراً لهذا النفى أنه "أخذ يجنح في مؤامرات توجب ابعاده عن مصر".
وانتهت قضية العصبة السرية الانتقامية بشكل شديد الهزال بعد أن بدأت بضجة كبرى ولعل تاريخ مصر يحفل بمثل تلك القضايا التي تبدأ كبيرة لأسباب سياسية ثم تنتهى إلى لا شيء أو على الأقل بشئ لا يتناسب مع الشكل الذى بدأت به!


صورة من المقال: