ads

Bookmark and Share

الجمعة، 16 مارس 2018

012 برلمان طنطا!

برلمان طنطا!
بقلم: د. يونان لبيب رزق
نشر فى الأهرام الخميس 7 أكتوبر 1993م - 20 ربيع آخر 1414هـ
(ملحوظة: تمت إضافة المراجع وإضافات من الكتاب)

1876 عام صدور الأهرام، كان عاماً ساخناً بكل المقاييس، وقد امتد جانب من تلك السخونة إلى تاريخ البرلمان المصرى، وهو المؤسسة التي كانت قد نشأت تحت اسم "مجلس شورى النواب" عام 1866، وكانت عشر سنوات فترة كافية لتغيير طبيعة هذه المؤسسة..
ففي عام 1866 وعند افتتاح هذا المجلس لأول مرة تواترت قصة مؤداها أن أعضاءه رفضوا الجلوس في المقاعد الواقعة إلى اليسار لأنها تعنى أنهم معارضون، وهم يستحيل أن يكونوا كذلك، وكما قال أحدهم "كلنا عبيد أفندينا فكيف نكون مقاومين لحكومته"(!)
اختلف الأمر تماماً بعد عشر سنوات. فقد اجتمعوا خارج القلعة، مقر المجلس، بل وخارج القاهرة، في طنطا، حيث أعلنوا معارضتهم لكثير من سياسات حكومة أفندينا، وقد انعقد هذا الاجتماع في 7 أغسطس 1876 أي بعد صدور العدد الأول من الأهرام بيومين فحسب، وكان للجريدة مع برلمان طنطا قصة، وإن كنا نرى نبل روايتها تقديم تفسير لهذا التغير الكبير..
فمجمل ما حدث خلال ذلك العقد هو الذى أدى إليه..
بعض هذا التغيير نتج عن النمو المطرد للرأي العام المصرى، وهو نمو صنعه اتساع نطاق التعليم، وتوالى صدور الصحف، وزيادة جسور الاتصال مع الغرب.
البعض الآخر أفرزته تطورات العلاقات مع أوروبا، وهى العلاقات التي تحولت إلى تدخل صريح في ذلك العام الساخن من خلال فرض الرقابة الثنائية وانشاء صندوق الدين في نفس ذلك العام.. عام 1876! وكان متوقعاً أن يكون لتلك التطورات مردوداتها، وقد تجسد أهمها في ميلاد الحركة الوطنية، وكان لوجود الأفغانى خلال السبعينات في مصر أثره في ميلاد تلك الحركة.
البعض الثالث نتج عن اعتبارات خاصة بأعضاء البرلمان المصرى الوليد، ونتوقف عند هذا الجانب من التغير لأهميته..
فمجلس شورى النواب عندما تشكل عام 1866 اقتصرت عضويته على "المشايخ الحايزين على الأوصاف المعتبرة" في الريف، وعلى وجوه وأعيان والمدائن" في المدن، أكثر من ذلك فقد حرم "الفقراء المحتاجون" على حد تعبير قانون الانتخابات الأول، ليس فقط من الترشيح للمجلس بل من حق انتخاب أعضائه!
وقد حدث أن أضير هؤلاء ضيراً شديداً ومباشراً من جراء الأزمة المالية وما ترتب عليها من تفاقم التدخل الأجنبي، وهو تدخل توخى مصلحة الدائنين الأجانب ولو على حساب الدائنين المصريين، وكان أعضاء مجلس شورى النواب يمثلونهم أصدق تمثيل.
جاء هذا الضير من خلال التطورات التي حدثت بعد صدور "قانون المقابلة" في أغسطس عام 1871، والذى قضى بتحصيل ضريبة ست سنوات مقدماً على الأراضى مقابل الاعفاء من نصف هذه الضريبة، وهو ما أخذت الحكومة تحت ضغط الدائنين الأجانب في التراجع عنه فيما تقرر بمقتضى المرسوم الصادر في مايو 1876، الأمر الذى لم يرض الأعيان المصريين وكان على ممثليهم أن يعبروا عن عدم الرضا هذا.
تعترف الحكومة المصرية أن حالة من السخط، خاصة في الصعيد، قد سادت صفوف المزارعين وهو ما قرره الأهرام الصادر في 2 سبتمبر عام 1876 بقوله أن "سعادة مفتش عموم قبلى وبعض حضرات المديرين عرضوا على الأعتاب السنية أنه (حاصل القول من الأهالى) بتطلب إبقاء المقابلة" مما يشير إلى هذا السخط.
في مواجهة ذلك قبل الخديو إصدار الأمر العالى "لسعادة رئيس مجلس شورى النواب بجمع أعضاء مجلس الشورى فوق العادة بطنطا لمناسبة مولد السيد أحمد البدوى لأجل معرفة الحقيقة في هذا الشأن والمذاكرة فيه والعرض للأعتاب بما يتم"!
ويلفت النظر في ذلك الامر العالى أنه قد أقر اجتماع طارئ يعقده مجلس شورى النواب في عمره الذى ناهز السنوات العشر، وأنه كان أول اجتماع يعقده المجلس خارج مقره الطبيعى، في طنطا حيث الجو الشعبى الذى يوفره الاحتفال بمولد السيد البدوى(!) بدلاً من القلعة حيث ظل الخديو المخيم، وأنه كان أول اجتماع يخصص لبحث مسألة من المسائل المالية التي هي من صميم اختصاصات المجالس النيابية، وكانت بداية لها ما بعدها.
واجتمه المجلس في الميعاد الذى تقرر له، 7 أغسطس عام 1876، ورغم ما حظى به ذلك الاجتماع من كتابات في المراجع إلا أننا نلتزم هنا بما جاء عنه في "الأهرام" والذى قال بالحرف الواحد..
"صار اجتماع المجلس المشار إليه وعلم من المكالمة (المناقشة) التي صارت ما يفيد تطلب إبقاء المقابلة، وبالمداولة في ذلك استصوب تعيين قومسيون (لجنة) من أعضاء المجلس للتوجه إلى المالية لرؤية ما يلزم والعرض للمجلس عنه، وقد تعين القومسيون وتوجه للمالية بمصر ونظر ما اقتضاه الحال وصارت المذاكرة وتقرر بإبقاء المقابلة على ما هي عليه".
إذن فقد فاز "المشايخ الحايزين على الأوصاف المعتبرة" من أعضاء المجلس في هذه الجولة، ورغم ما يقال من أن الخديو إسماعيل كان متعاطفاً مع هؤلاء على اعتبار أن تحركهم يدفع عنه بعض ضغوط الدائنين الأجانب. إلا أن هذا الفوز كان بمثابة نقطة تحول في تاريخ البرلمان المصرى، مما أدخل جلسته "فوق العادة" التي انعقدت في طنطا تاريخ الحياة البرلمانية، ومما جعل تلك الجلسة نقطة انطلاق في طبيعة هذه المؤسسة استكملت مقوماتها خلال السنوات الثلاث التالية التي كانت في نفس الوقت السنوات الثلاث الأولى في عمر الاهرام، والذى لم يكن بعيداً عن متابعتها.
واجه القائمون على تحرير الأهرام في متابعة ما كان يجرى في القلعة بجلسات مجلس شورى النواب مشكلة يمكن أن يستشعرها القارئ من خلال طبيعة تلك المتابعة..
تمثلت تلك المشكلة في رغبة أهرامية جارفة في تقديم أخبار ذلك الذى يجرى في المجلس، وكان واضحاً أنه بالغ الأهمية، وفى توخى الحذر حتى لا يؤدى هذا التقديم إلى وقوع الاهرام تحت طائلة العقوبة لخروجه عن مقتضيات الرخصة التي حصل عليها بعدم التدخل في شئون البوليتيقيا، وكان عليهم أن يجدوا حلاً.
في تقديرنا، ومن خلال استقراء "الأهرام" وليس قراءته، فإن الحل الذى عثر عليه سليم تقلا سار على محورين..
المحور الأول بدا في عملية جس نبض لجهات الرقابة الصحفية بمحافظة الإسكندرية والتي كانت تتولى هذه الرقابة، وقامت تلك العملية أولاُ بنقل أحداث المجلس عن "الوقائع المصرية" ولم تحدث ردود فعل، فتحولوا إلى النقل عن بعض الصحف التي تصدر في المحروسة، أي القاهرة، ولم تحدث ردود فعل أيضاً، عندئذ انطلق سليم تقلا ينقل عن مصادره الخاصة وينسب ما ينقل للأهرام دونما خشية من ردود الفعل!
المحور الثانى بدا في الفرصة التي تلقفها الأهرام في مطلع عام 1877، والتي جاءت من خلال اصدار أول دستور، أو "قانون أساسى" بلغة العصر للدولة التي كانت مصر مازالت جزءاً منها، ولو من الناحية القانونية.. الدولة العثمانية، وهو الدستور المعروف بدستور مدحت باشا.
وكان "الأهرام" من الجرائد التي احتفت احتفاء بالغاً بهذا الدستور خاصة لما يتصل بانعكاساته على الشام الذى لم تكن قد انقطعت روابط أصحابه به.
بدا هذا الاحتفاء في تخصيص خمسة من أعداده، من العدد 34 الصادر في 13 يناير عام 1877 إلى العدد 38 الصادر في 10 من الشهر التالى.. تخصيصها لإيراد نص الدستور تحت عنوان "القانون الأساسى في ممالك الدولة العثمانية".
بدا أيضاً في التعليقات على الدستور والتي جاءت مفعمة بأسباب التعاطف مع مدحت باشا واصلاحاته، وقد انتهز كاتب تلك التعليقات، والذى لا نشك أنه كان سليم تقلا نفسه.. انتهز الفرصة لسوق بعض الايحاءات بأثر صدور الدستور العثمانى على مصر، وأنه ليس أمام المصريين سوى المضي في نفس الطريق.. الطريق الدستورى.
والحقيقة أن سليم لم يكن في حاجة إلى مثل هذه الايحاءات فإن ظروف مصر كانت قد انضجتها لقبول التغيير في المؤسسة البرلمانية وهو التغيير الذى بدت بشائره مع اجتماع طنطا..
ولم يكن على الأهرام سوى أن يرصد أحياناً ويتابع أحياناً أخرى ويتخذ المواقف أحياناً ثالثة..
***
في "محلة المخصوص في القلعة العامرة" على حد تعبير الأهرام بدأ مجلس شورى النواب دورته العادية بعد أربعة شهور بالضبط من اجتماع طنطا، وهو الاجتماع الذى كان يحضره في العادة الخديو في احتفال خاص وصفه "الأهرام" بقوله: "وفى نحو السادسة شرفه حضرة الجناب الأفخم رسمياً حيث كان الجميع في انتظاره فأطلقت المدافع بقدومه الشريف ولاطف من حضر فيه بأنواع الملاطفات وكامل الالتفاتات وألقى عليهم مقالة - أي خطبة - عربية فتلقوها بغاية القبول" ونتوقف عند هذه (المقالة) لما لها من أهمية في تاريخ البرلمان المصرى.
أهم ما جاء في الخطبة الخديوية الاعتراف بأن أفكار الجميع كانت مخالفة لما جاء في مرسوم 7 مايو 1876 "لما هو منصوص من جهة أبطال المقابلة" وأن الترتيبات قد اتخذت لتلبية ما هو مطلوب "بناء على أفكاركم وتصميمكم على بإبقاء المقابلة على أي وجه أمكن".
وقد حقق برلمان طنطا من خلال هذه التطورات المبدأ الذى تأسست عليه الحياة البرلمانية في دول العالم من قبل: مبدأ "لا ضرائب بدون تمثيل No taxation without representation" وهو المبدأ الذى استقر ابان الثورتين الأمريكية والفرنسية خلال سبعينات وثمانينات القرن الثامن عشر، أي قبل اجتماع طنطا بقرن!
بدا ذلك في أول مناسبة احتاجت فيها الحكومة الخديوية لفرض ضريبة جديدة، وكانت بعد أقل من عام من برلمان طنطا..
المناسبة كانت الضريبة التي تقرر فرضها لتمويل القوات المصرية التي رؤى ارسالها للمحاربة إلى جانب قوات الدولة العثمانية في حربها مع روسيا مما دعا الخديو إلى الدعوة إلى جلسة أخرى "فوق العادة" وكانت ثانى جلسة من هذا النوع في أقل من عام.
جاء في دعوة الخديوي لتلك الجلسة بأن مصر لن تستطيع ان تشارك في الحرب "بدون الوقوف أولاً على معرفة كمية المبلغ الذى يمكن للإقليم أن يخصصه لهذا الأمر" وهو ما فعله المجلس حين قرر فرض ضريبة لتمويل الحرب قدرها 10 في المائة، ولا شك أن إسماعيل قد تذرع بقرار المجلس في مواجهة حالة التذمر التي شاعت في أعقاب فرضها.
من جانب آخر فإن هذه الدورة التي انعقدت في طنطا قد أفرزت لأول مرة شخصيات برلمانية لعبت دوراً هاماً في تاريخ تلك المؤسسة، منها عبد السلام المويلحى، محمود العطار، عثمان الهرميل، بدينى الشريعى وغيرهم ممن أصبحوا عمداً، ليس للبرلمان المصرى فحسب انما للحركة الوطنية التي ارتفع مدها خلال السنوات التالية.
***
انعكست كل تلك التطورات على موقف الأهرام من البرلمان المصرى، فبعد أن انتقل من المرحلة النقل عن الصحف الأخرى إلى مرحلة الرصد باسمه فانه قد انتقل إلى مرحلة جديدة وهى مرحلة المطالبة بالانتقال من عصر مجلس "شورى النواب" إلى عصر "مجلس النواب" أو ما أسماه الأهرام "مجلس الأمة" في مقال نعتقد أنه كان من أقوى المقالات التي ظهرت خلال ذلك الوقت حول هذا الموضوع..
المقال نشره الأهرام في صدر صفحته الأولى في عدده الصادر في 13 مارس عام 1879، والواضح أنه كان بقلم "سليم افندى تقلا" نفسه..
عنوان المقال "الوزارة المصرية ومجلس النواب ومستقبل البلاد" وكان مما جاء فيه.. "أما مجلس النواب أو مجلس الأمة فهو القوة الحقيقية للحكومة وأساسها الوطيد ودعامتها المتينة لأنه يشخص (يمثل) الأمة وليست الحكومة إلا لها. وكنا نود أن يأذن لنا المقام فنشرح كيفية تأليفه وشروط انتخاب أعضائه بموجب القوانين المسنونة في أوروبا ثم نقابل هذه القوانين بالقوانين المرعية في بلادنا التي لم نقف على مجملها إلى الأن(!). ويسوءنا والله أن نرى هذ المجلس عديم الحقوق والنظام مع ما له من الأهمية بل يسوءنا أن نرى الحكومة متغاضية عن تأييد حقوقه هذا إذا لم توجه مطلق اللوم عليه لأنه تهامل وأغضى عن طلب ما له وارتضى بأن يفقد أجل لوازنه اعنى الحرية التي يلقى عليها معول أمره فهو المشخص للأمة والمدافع عنها ووكيلها والذائد عن خوضها".
ويشير هذا المقال إلى أن الأهرام قد ذهب بعيداً وطالب بتحويل جذرى في المؤسسة البرلمانية.. أولاً من ناحية تغيير الاسم فقد تجاهل في مقاله التسمية "بالشورى" التي كانت تضفى الطبيعة الاستشارية على المجلس هذا من جانب، وأن يكون ممثلاً حقيقياً للأمة من جانب آخر حتى أنه استخدم تسمية مجلس الأمة وهى تسمية لم تكن معهودة في مصر وقتئذ، ولم تستخدم إلا بعد نحو قرن، في المجالس النيابية التي أقامتها الثورة بعد عام 1952!
وقد دعم الأهرام حملته في هذا الشأن بمقال آخر في صدر صفحته الأولى في العدد الصادر يوم 22 مايو من نفس العام تحت عنوان "الحكومة الشورية والقطر المصرى أو الحرية في مصر" كان مما جاء فيه ".. ولذا كان الاهتمام بتأييد مجلس النواب من أجل المطالب وأكملها فانه وحده يكفل للراعى المحافظة على حقوق الحرية بناء على كونه نائباً عن الأمة ويضمن للرعية المراقبة على عدم العبث بالحرية ثم يخلص من هذا إلى القول فمجلس النواب والحالة هذه يعتبر قطعياً تدور عليه رحى الأعمال فإن من مبادئ الشرائع العادلة المرعية الاجراء في جميع الممالك المتمدنة أن تعتبر الحاكم للرعية لا الرعية للحاكم" ولم يمض وقت طويل حتى كانت قد تمت الاستجابة لجميع مطالب الأهرام في مشروع الدستور الذى وضع في 2 يونية عام 1879، وللأهرام معه قصة.
يعترف الأستاذ عبد الرحمن الرافعى المؤرخ المصرى الشهير في الجزء الثانى من كتابه المعروف "عصر إسماعيل" بأنه بحث عن أصل هذا الدستور في الوقائع المصرية فلم يجده ثم بحث عنه بعد ذلك في محفوظات مجلس شورى النواب فلم يجده أيضاً، وبعد بحث عثر عليه أخيراً في مكان واحد وهو جريدة الأهرام في عددها الصادر في 12 يونية عام 1879، وهذه معلومة صحيحة وإن كانت ناقصة..
فالعدد المذكور من الأهرام قد نشر الجزء الأول مما أسماه "لائحة مجلس النواب المصرى الأساسية" ثم استكمل نشر تلك اللائحة في العدد الصادر في 26 من نفس الشهر.
وقد استلفت نظر الأستاذ الرافعى في هذا الدستور "البون العظيم بينه وبين نظام مجلس شورى النواب القديم، والذى خول حق إقرار الميزانية وجعل الوزارة مسئولة أمامه".
استلفت نظره أيضاً تخويل سكان السودان حق انتخاب ممثلين عنهم في المجلس فيما تضمنته المادة (34) من "أعضاء مجلس النواب لا يزيدون عن 120 نائباً بمن فيهم نواب السودان حسب البيانات التي تتوضح بلائحة الانتخاب".
إلا أنه لم يستلفت نظره بنفس القدر إرساء مبدأ النيابة عن الأمة التي تضمنته المادة السادسة، ولم يستلفت نظره أيضاً تقرير مبدأ الحصانة البرلمانية التي تضمنتها المادة (15)، كما لم يستلفت نظره أخيراً هذا الأخذ الصارم بالفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.. في المادة (38) التي نصت على أنه "لا تجتمع وظيفة النظارة (الوزارة) والنيابة في شخص واحد" وفى المادة (20) التي نصت على أنه "لا يجوز قبول متوظفى الحكومة ملكيين (مدنيين) كانوا أو جهاديين (عسكريين) ضمن أعضاء مجلس النواب".
ما لم يتنبه إليه الأستاذ الرافعى بقية القانون الأساسى الذى نشر في عدد آخر من أعداد الاهرام يهمنا منها ما جاء متصلاً بنظام "انتخاب أعضاء مجلس النواب المصرى" وما دخل على هذا النظام من تغيير عما تقرر عام 1866.
ففي القانون الصادر لتأسيس مجلس شورى النواب في ذلك العام رأت الحكومة أن تنوب عن المصريين في انتخاب نوابهم فيما جاء في المادة السابعة التي قالت: "حيث أن كل بلد عليه مشايخ معينون برغبة الأهالى فبالطبع هم المنتخبون من طرف أهالى ذلك البلد أو النائبون عنهم لانتخاب العضو المطلوب انتخابه في القسم"(!)
أما القانون الجديد الذى انفرد الأهرام بنشره فقد أعطى حق الانتخاب لـ "أهالى القطر المصرى" من رعايا الدولة العثمانية على أن يكون من دافعى ضريبة لا تقل عن 500 قرشاً على الأقل، وكان مبلغاً كبيراً بمقاييس العصر الاقتصادية.
بيد أن هذا الشرط تم تجاوزه بالنسبة لرجال الدين، العلماء والقسوس والحاخامات والمثقفين، المدرسين وأرباب الوظائف وضباط العسكرية المصرية والأفوكاتية (المحامين) والأجزجية (الصيادلة) والحكماء البياطرة!
ويلاحظ أن هذا الدستور الذى لم يوضع موضع التنفيذ بسبب تلاحق الأحداث، ففي نفس يوم نشر الاهرام للقسم الثانى من الدستور، الخميس 26 يونية 1879 وصلت استنبول البرقية التي تطلب من إسماعيل "التخلي عن حكم مصر واسناد منصب الخديوية لصاحب السمو الأمير توفيق باشا"، وكان على المصريين أن ينتظروا ما سوف يحدث بالنسبة للبرلمان بعد ذلك وإن كان الجميع بمن فيهم الأهرام، لم يضطروا إلى الانتظار لوقت طويل!
---
مراجع
أعداد الأهرام
رقم العدد
التاريخ
5
2/9/1876
8
23/9/1876
19
9/12/1876
24
13/1/1877
25
19/1/1877
26
27/1/1877
28
10/2/1877
41
11/5/1877
138
13/3/1879
146
21/5/1879
149
12/6/1879
151
26/6/1879

- د. رؤوف عباس حامد - الملكيات الزراعية المصرية ودورها في المجتمع المصرى 1837 - 1914 - القاهرة 1983م
- عبد الرحمن الرافعى - عصر إسماعيل (جزء 2) - القاهرة 1948م
- د. يونان لبيب رزق - قصة البرلمان المصرى - القاهرة 1991م

صورة من المقال: